كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)

وتُجْبَرُ الْكتَابيَّةُ عَلَى الْعِدَّةِ مِنَ الْمُسْلِمِ فِي طَلاقِهِ ومَوْتِهِ كَالمْسْلِمَةِ
قوله: (كَالمْسْلِمَةِ): أي: فتعتد ذات الأقراء بثلاثة قروء، واليائسة والصغيرة بثلاثة أشهر، وفي الوفاة بأربعة أشهر وعشر، هذا هو المشهور، وحكى ابن الجلاب رواية ثانية بأن الذمية تعتد في الوفاة من المسلم بثلاثة قروء، وخرج على الروايتين ما إذا توفي عنها قبل البناء فعل المشهور وتعتد في الوفاة أي المسلم بأربعة أشهر وعشر، وعلى الرواية الثانية لا عدة عليها وإنما أجبرت الكتابية على العدة لحق الزوج. واعلم أنه اختلف في الأقراء الثلاثة في عدة الحرة المسلمة فقال الأبهري: الجميع استبراء ولا تعبد فيها. وقال أبو بكر القاضي: القرء الأول لاستبراء الرحم والقرءان الأخيران عبادة. واختار ابن يونس الأول، ولا يعترض عليه بأنه يكفي في الأمة القرء الواحد لأنا نقول: ذلك كالحدود إنما هي موضوعة على حرمة المحدود من العبيد والأحرار والمحصنين والأبكار. وقال عبد الحق: قول أبي بكر هو الصواب. وخرج بعضهم على قول أبي بكر قولاً بأن الذمية تكتفي بقرء واحد في الوفاة والطلاق بناء على أن الكفار غير مخاطبين بالأحكام، ولهذا روى أبو زيد عن ابن القاسم في النصرانية يموت عنها زوجها الذمي فيتزوجها المسلم بعد حيضة أنه لا يفسخ نكاحها.
وَيَتَزَوَّجُهَا الْمُسْلْمُ بَعْدَ مَوْتِ الذَّمَّيِّ بَعْدَ ثَلاثَةِ قُرُوءٍ كَطَلاقِهِ
يعني: وقد دخل بها الذمي لمقابلته ذلك بقوله:
فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ تَزَوَّجَهَا مَكَانَهَا فِيهِمَا
أي: في موت الذمي وطلاقه، ولمالك في العتبية أنه يكتفي بحيضة واحدة من طلاق الذمي.

الصفحة 10