كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)

أَقْسَامُهَا مُعْتَادَةٌ، ومُرْتَابَةٌ بِتَأخِيرِ الْحَيْضِ، وصَغِيِرِةٌ، ويَائِسَةٌ، وحَامِلٌ، ومُرْتَابَةٌ بالْحَمْلِ
الضمير في (أَقْسَامُهَا) عائد على العدة، فـ (مُعْتَادَةٌ) فيه حذف مضاف، أي عدة معتادة، ويحتمل عوده على المعتدات، ويترجح الأول بأنه لو أراد الثاني لقال: أقسامهن في الأفصح، وحصرها فيما ذكره استقراء، ثم أخذ المصنف يتكلم على كل قسم فقال:
فَالْمُعْتَادَةُ ثَلاثَةُ قُرُوءٍ للْحُرَّةِ، وقُرْءانِ للأَمةِ
ما ذكره في الحرة هو نص الآية الكريمة، ولا فرق بين أن يكون زوجها حراً أو عبداً على المعروف. وقيل: إن العدة تتشطر بكون أحد الزوجين رقيقاً، وما ذكره في الأمة متفق عليه عندنا، ويعضده ما رواه أبو داود وغيره أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((طلاق الأمة طلقتان وعدتها حيضتان)) لكنه ضعيف عند أهل الحديث، قيل: والصحيح أنه من كلام أبي عمران.
وَالأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ، وجَاءَ لَفْظُ الْحَيْضِ مَوْضِعَهُ كَثِيراً عَلَى التَّسَامُحِ
قوله بقولنا، الشافعي، وهو قول عائشة، وزيد بن ثابت، وابن عمر، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وأبي بكر بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وابن شهاب، وأبان بن عثمان، وأبي ثور. وقال أبو حنيفة: الأقراء هي الحيض. وهو مروي عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم. وضعف أحمد أسانيد ما روي عن عمر وعلي وابن مسعود.
وبالجملة فكل من القولين مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين، ولولا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] مع حديث ابن عمر في طلاق الحائض لكان مذهب أبي حنيفة أظهر، لأن المقصود من العدة إنما هو العلم أو الظن ببراءة الرحم، والدال على ذلك إنما هو الحيض، وأما الطهر فيوجد مع الحمل.

الصفحة 11