كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)

قوله: (وجَاءَ لَفْظُ الْحَيْضِ) أي إنهم قد يطلقون لفظ الحيض موضع الطهر كثيراً على التسامح. ابن عبد السلام: وما ذكره المصنف هو مذهب المحققين، وذهب بعض الشيوخ إلى حمل هذه الإطلاقات على ظاهرها فنقل عن المذهب قولاً كمذهب أبي حنيفة وهو بعيد لأن هذه المسامحة جرت على لسان من علم أنه لا ينصر إلا قول مالك.
وطُهْرُ الطْلاقِ تَعْتَدُّ بِهِ ولَوْ لحظَةً
لا خلاف في هذا عندنا وليس كمذهب أبي حنيفة في التي تطلق في الحيض فإنها لا تعتد بذلك الحيض عنده وإن قال: القرء هو الحيض.
فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، ويَنْبَغِي أَلا تَعْجَلَ إِذْ قَدْ يَنْقَطِعُ عَاجِلاً فَلا تَعْتَدُ بِهِ ....
أتى بالفاء لأن هذا مرتب على ما قبله وأيضاً فلما قدم أن الطهر الأول تعتد به ولو لحظة خشي أن يتوهم منه أن الجزء الأول من الطهر الأخير يقوم مقام جميع الطهر فتحل [399/ب] ببعضه فبين ذلك وأنها لا تحل إلا بجميعه. ومقابل المشهور رواه ابن وهب عن مالك أنها لا تبين إذا رأت الدم حتى يعلم أنها حيضة تامة. وخرج ابن رشد على قول ابن الماجشون أن أقل الحيض خمسة أيام أنها لا تحل لغير المطلق حتى تمكثها، وكذلك على القول أن أقله ثلاثة وعلى أنه يوم، وفيه نظر، ألا ترى أن مالكاً وابن القاسم يريان الدفعة ونحوها ليست بحيض في هذا الباب مع أنها تبين برؤيتها أول الدم الثالث فلا يبعد أن يسلك ابن الماجشون وغيره هذا المسلك.
ابن رشد: بناء على تخريجه وعلى قول ابن الماجشون وابن مسلمة: لو انقطع الدم فإن عاد بالقرب لفق منه العدة المذكورة، وإن لم يعد إلا بعد البعد كانت تلك الدفعة ونحوها ملغاة لا يعتد بها، وحكم ذلك دم العلة والفساد، وتقضي ما تركت فيه من الصلاة.

الصفحة 12