كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)

عياض: وقول شيخنا، تقضي ما تركت فيه من الصلاة، فيه نظر لا يوافق عليه.
وقوله: (ويَنْبَغِي أَلا تَعْجَلَ) يعني وإذا قلنا تحل للأزواج برؤيتها أول الدم الثالث فينبغي ألا تعجل بالتزويج لاحتمال أن ينقطع الدم عنها قبل اسبترائها حيضة.
واعلم أن قوله: (ويَنْبَغِي) هو من كلام أشهب في المدونة، والكلام الأول لابن القاسم، كذا قال الجمهور، واختصر ابن أبي زمنين المدونة على أن مجموع الكلام لأشهب، وعلى الأول فاختلف هل كلام أشهب وفاق وهي طريقة المصنف وأكثر الشيوخ، أو اختلاف وإليها ذهب غير واحد وهو مذهب سحنون لقوله: هو خير من رواية ابن القاسم، وهو مثل رواية ابن وهب: أنها لا تحل للأزواج ولا تبين من زوجها حتى يتبين أنها حيضة مستقلة، وهو مذهب ابن المواز وابن حبيب.
وعلى هذا فيكون قول أشهب: (وأحب) محمولاً على الوجوب، ويبين ذلك تعليل أشهب بقوله: أن قد ينقطع عاجلاً فإنه علة تقتضي الوجوب. واختلف القائلون بحمل قوله على الخلاف لو انقطع الدم ما الحكم؟ فقال أبو عمران وابن رشد وغيرهما: لا يضرها ذلك وقد حلت للأزواج برؤيته أولاً.
ورأوا أن مذهب ابن القاسم في مقدار الحيض واحد في باب العبادة والعدة. ومنهم من قال: بل يضرها، وإنما لم يطلب منها ابن القاسم ما طلبه أشهب لأن الأصل عدم انقطاع الدم، وهو أيضاً الغالب فلا يلزمها وجوب ولا استحباب رعياً لمخالفة الأصل والغالب، وإلى هذا ذهب جمهورهم أنه إن لم يتماد بها الدم لا تحسب به حيضة.
فرعان مرتبان على قول الجمهور:
الأول: لو ماتت الزوجية بعد رؤية الدم وقبل التمادي فإنه يحمل أمرها فيه على التمادي ولا يرثها مطلقاً، وإن مات الزوج حينئذ لم ترثه إن تمادى، وإن قالت قبل موته باليوم والشيء القريب: انقطع الدم عني، وكان موته بإثر قولها ذلك ورثته، نقله ابن عبد السلام.

الصفحة 13