كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)

ثم طهرت خمسة عشر يوماً ثم دخلت في الدم الثالث وذلك أربعون، ولو بنى على قوله أن أقل الطهر ثمانية لانقضت بستة وعشرين.
قوله: (وقَد تَقَدَّمَ الطُّهْرُ فِي الْحَيْضِ) فيه حذف خطابين تقديرهما: تقدم مقدار الطهر في كتاب الحيض، وحاصل كلام المصنف أن الطهر في البابين سواء، وإنما يختلف البابان في مقدار الحيض.
وَالْمُرْتَابَةُ بغَيْر ِسَبَبٍ مُعْتَادٍ- حُرَّةً أَوْ أَمَةً- تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً ثُمَّ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ عِدَّةً فَتَحِلُّ عَقِبَ السَّنَةِ، كَمَا قَضَى عُمَرُ، ولذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: عِدَّة الطَّلاقِ بَعْدَ الَّريبَةِ، وعِدَّةُ الْوَفَاةِ قَبْلَ الرِّيبَةِ
لما انقضى كلامه على المعتادة أخذ يتكلم على المرتابة بتأخير الحيض.
وقوله: (بغَيْر ِسَبَبٍ مُعْتَادٍ) احترز بذلك مما لو تأخر حيضها لسبب معتاد وسيأتي. وسوى المصنف بين الحرة والأمة في التربص تسعة أشهر، وهي زمان الحمل غالباً، فإذا لم يظهر بها حمل ولا رأت ما حصل الظن أنها ليست بحامل وأنها لا ترى دماً فقام ذلك مقام الإياس من كونها من أهل الأقراء فتعتد حينئذ كعدة الآيسة ثلاثة أشهر مضافة إلى التسعة ولا تدخل فيها، وهو معنى قوله: (فَتَحِلُّ عَقِبَ السَّنَةِ) ثم أشار إلى دليل هذا الكم بقوله: (كَمَا قَضَى عُمَرُ) وبه قال ابن عباس ولا يعلم لهما مخالف، وهذا هو المشهور.
وذكر في الكافي قولاً آخر أن المرتابة لا تخرج من عدتها حتى تستوفي بقيتها وترفع الريبة. وقال أشهب: تعتد الأمة بأحد عشر شهراً تسعة استبراءً وشهران للعدة، وهو الظاهر لأن الثلاثة أشهر إنما لم تتشطر في حق الأمة لأجل أن الحمل لا يظهر في أقل منها وها هنا قد حصل قبلها تسعة أشهر.

الصفحة 16