كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)

وَلَوِ اسْتَبْرَأَهُمَا أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا اسْتَانَفَتْ أُمُّ الْوَلَدِ دُونَهَا
يعني: إذا استبرأ السيد الأمة أو أم الولد أو انقضت عدتهما من وفاة زوج كل منهما أو طلاقه، ثم أعتقهما وأراد السيد أن يزوجهما، فإن الأمة تكتفي بذلك الاستبراء المتقدم أو العدة المتقدمة بخلاف أم الولد فإنها لا تكتفي بذلك الاستبراء المتقدم أو العدة المتقدمة، وتحتاج بعد العتق إلى الاستبراء بحيضة، لأن أم الولد لما كان فيها عقد حرية كانت الحيضة في حقها كالعدة، فصارت بمنزلة الزوج يطلق امرأته بعد استبرائها بثلاث حيض فإنها لا تكتفي بذلك ولابد لها من استئناف العدة، لأن أم الولد فراش لسيدها ولا يخرجها عن ذلك إلا تزويجها، وإذا زالت عصمة النكاح عادت إلى الفراش بخلاف الأمة فإنها وإن كانت رائعة ليست بفراش حتى يقر السيد بوطئها.
وَاسْتَانَفَا فِي الْمَوْتِ مَعاً، وَلَوْ كَانَ غَائِباً إِلا غِيبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ َيْقَدَمْ مِنْهَا
يعني: لو مات سيد أم الولد أو الأمة فإنهما يستأنفان معاً حيضة، لأن الميت يحتاط له. وقوله: (وَلَوْ كَانَ غَائِباً) مبالغة، وسواء كانت الأمة أقر السيد بوطئها أم لا.
ابن عبد السلام: ولو قيل في الأمة المتوفى عنها سيدها ولم يقر بوطئها لا تحتاج إلى استبراء كان السيد غائباً أو حاضراً ما كان بعيداً، ألا ترى أنها لو أتت بولد لم يلحق بسيدها، فلم يبق إلا الاستبراء من سوء الظن، وفيه ما قد علمت.
وقوله: (إِلا غِيبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ َيْقَدَمْ مِنْهَا) أي: ولا يمكنه أن يأتي خفية. وفي معنى الغيبة التي يعلم أنه لم يقدم منها ما إذا كان مسجوناً. وما ذكره صحيح في الأمة، وأما في أم الولد فمخالف لما في المدونة، ففيها: وإن مات السيد وهي في أول دم حيضتها أو غاب عنها فحاضت بعده كثيراً ثم مات عنها، فلابد لها من استئناف حيضتها بعد موته لأنها عدته، وإنما يأتي كلام المصنف على ما قاله عبد الوهاب في معونته أن الحيضة في الدم استبراء محض وليس بعدة.

الصفحة 42