كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 5)
وَفِي اسْتِبْرَاءٍ الأَبِ أَمَةً لابْنِهِ فَوَطأهَا بَعْدَ أَنِ اسْتَبْرَأَهَا فَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ قَوْلانِ
يعني: إذا وطئ الرجل جارية ولده فقومت عليه فإن لم يكن استبرأها قبل وطئها لم يطأها حتى يستبرئها، وإن كان قد عزلها عنده واستبرأها ثم وطأها، فالمشهور أنه لا يحتاج إلى استبراء. والمشهور ومقابله في المدونة، ففيها: ابن القاسم: ومن وطئ جارية ابنه فقومت عليه فليستبرئها إن لم يكن الأب قد عزلها واستبرأها. وقال غيره: لابد أن يستبرئها لفساد مائه وإن كانت مستبرأة عند الأب إذا تلذذ بجارية ابنه حرمت على الابن ووجب على الأب قيمتها، ولم يكن للابن التمسك بها على المعروف. وهذه لما كانت مستبرأة عند الأب فبأول وضع اليد عليها وجلوسه بين فخذيها حرمها على الابن ووجبت على الأب القيمة، فصار وطؤه في مملوكه له بعد الاستبراء. وأشار التونسي إلى أن قول الغير مبني على قول ابن عبد الحكم أن الأب لا يضمن قيمتها بوطئها بل يكون للابن أن يتماسك بها في عسر الأب ويسره. وحكاية المصنف القولين تدل على أن قول الغير مخالف لقول ابن القاسم وهي طريقة الأكثر، وذلك أن الأكثر فهموا أن قول ابن القاسم إن لم يكن الأب عزلها عنده واستبرأها، أنه لو كان استبرأها قبل الوطء لا يحتاج إلى استبراء بعده. وخالفهم ابن اللباد وابن الشقاق وفهما قوله: (إن لم يكن عزلها عنده واستبرأها) على أن المراد بعد وطئه. وصحح هذا ابن مرزوق، وخالفه تلميذه ابن رشد، وصحح مذهب الأكثرين، واحتج لابن القاسم بما احتج به القابسي. واختار عياض قول ابن اللباد بدليل قول ابن القاسم في آخر المسألة لأنه وطء فاسد.
وَالاسْتِبْرَاءُ لِلْمُرْتَابَةِ قُرْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَيْضَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ
لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ألا لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض)) ومقابل المشهور أنه طهر كالعدة، ولم أره منصوصاً، وإنما خرجه المازري على قول أشهب أن المشتراة في أول دمها لا تكتفي بذلك.