كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)
وَيَصِحُّ الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلا يَتِمُّ إِلا بِه
يعني: يصح الرهن ويلزم بالقول، لكن لا يختص المرتهن به على الغرماء إلا بقبضه، وهذا معنى قوله: (وَلا يَتِمُّ إِلا بِه). ونقل المازري عن أبي حنيفة والشافعي: أنه لا يلزم إلا بالقبض، ودليلنا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1] وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم». وتنازع الجميع في فهم قوله تعالى: (فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) [البقرة: 283] هل المراد المقبوضة بعد عقد الرهن وهو قول مالك، ويعضده أنه أثبت لها حكم الرهان قبل القبض، أو المراد أن الرهن هو المقبوض وهو قول أبي حنيفة والشافعي؟
وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُعَيَّناً
هذا قسيم قوله: (وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ وَشِبْهُهُ فِي الْفَسْخِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أي: فإن كان معيناً، كما لو قال: أرهنك هذا الثوب. والأحسن بطريق المصنف تقديم هذه المسألة على قوله: (وَيَصِحُّ الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلا يَتِمُّ إِلا بِه).
فَإِنْ تَرَاخَى الْقَبْضُ إِلَى الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ بَطَلَ اتِّفَاقاً، ولَوْ كَانَ مُجِداًّ عَلَى الأَشْهَرِ
أي: فإن تأخر القبض، وكذا وقع القبض ملفوظاً به في بعض النسخ.
قوله: (إِلَى الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ) فإن كان ذلك بتراخ من المرتهن ولو شاء أخذه قبل ذلك؛ بطل الرهن بالاتفاق.
ابن عبد السلام: ولا يبعد أن يكون مجمعاً عليه وإن لم يتراخ، بل كان جادّاً في الطلب حتى فلس الراهن أو مات؛ ففي الجواهر: ظاهر الكتاب [513/أ] أنه لا يكون أحق؛ لقوله: إذا لم يقبض المرتهن حتى مات الراهن أو فلس كان أسوة الغرماء. فأطلق الجواب فيه.
الصفحة 104
621