كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)
وقال القاضي أبو محمد: حقه ثابت؛ لأنه لم يفرط.
ابن راشد: وفي كلامه في الجواهر نظر؛ لأنه لم يتعرض لكونه مجدّاً، ويحتمل أن لو سئل عن ذلك لأجاب بالصحة. وشهر المصنف البطلان لكونه ظاهر المدونة كما قال ابن شاس، وحكى اللخمي والمازري القولين إذا كان جادّاً ولم يعينا مشهوراً.
فإن قلت: ما الفرق على ما شهره المصنف هنا وبين الهبة إذا مات الواهب والموهوب له جاد في الطلب وفي تزكية الشهود؛ أن ذلك حوز عند ابن القاسم خلافاً ِلأشهب؟
قيل: لأن الرهن لما كان لم يخرج من ملك راهنه لم يكتف بالجد في الطلب، بخلاف الموهوب فإنه خرج عن ملك راهنه، والله أعلم.
وَقَبْضُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ
لما ذكر أنه لا يتم إلا بالقبض بيَّن أن القبض هنا كما قدمه في قبض المبيع، أي: فقبض المكيل بالكيل والموزون بالوزن والمعدود بالعدد، وفي اعتبار مقدار المناولة قولان، وفي العقار التخلية وفي غيرهما العرف.
ويحتمل أن يريد بقوله: (وَقَبْضُهُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ) خصوصية المكيل والموزون والمعدود، وعلى كلا الاحتمالين ففي كلامه نظر؛ أما على الثاني فلأن كلامه حينئذ يكون تعرض لكيفية القبض في العقار والعروض ولا ينبغي إهمال ذلك، وأما على الأول فإن ظاهر كلامه مساواة القبض فيه للبيع، والذي يؤخذ من كلامهم أنه لا بد هنا من زيادة على قبض المبيع، فقد قال ابن عبد السلام: إِنَّ تخلي الراهن عن العقار لا يكون رهناً كافياً، بل لا بد مع ذلك من شيء آخر وهو غلق المرتهن على ما يكون ذلك فيه. وقال المازري: إن كان الرهن ما ينتقل كالثوب والعبد فَقَبْضُهُ بنقله من حيازة الراهن ومكانه إلى مكان المرتهن، وهذا لا يشترط في البيع. ونص اللخمي وغيره على أن قبض الرهن إذا كان
الصفحة 105
621