كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

وفيه خلاف. وظاهر كلامهما: أنه لا بد من حيازة الدين في هذه الثلاثة، وقول اللخمي: وإن كان الغريم غائباً ولا وثيقة فالإشهاد يجزئ، وفيه خلاف. لعله يشير بذلك إلى ما حكاه الباجي أنه قال، قال مالك: إن كان للدين وثيقة فحيازته أن تدفع الوثيقة إليه ويكون أحق في الفلس والموت، وإن لم يكن للدين ذكر حق، فقال ابن القاسم أيضاً: لا يجوز إلا أن يجمع بينهما، وهو ظاهر قول مالك في الموَّازيَّة. انتهى.
اللخمي: وليس على الراهن أن يدفع ذكر الحق للمرتهن إذا كان الدين عليه، لأنه يخشى أن يجحده فيتلف حقه، لأن قبض المرتهن للكتاب إنما هو ليقبض به، والمرتهن مستغن عن ذلك.
وَقَبْضُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ وَالْبَاقِي لِغَيْرِ الرَّاهِنِ إِنْ كَانَ عَقَاراً جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ، وَفِي إِلْحَاقِ غَيْرِهِ بِهِ لا بِمَا فِيهِ لِلرَّاهِنِ حَقٌّ قَوْلانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ.
يعني: إذا كان للراهن جزء مشاع في شيء وباقي ذلك الشيء لغيره، فإذا قبض المرتهن ذلك الجزء وحل محل الراهن؛ فإن كان المرهون عقاراً صح الرهن وتم باتفاق، وقد تقدم أول هذا التقييد أنه قد استقرئ من كلام المصنف إذا حكى الاتفاق، فإنما يريد اتفاق أهل المذهب بخلاف الإجماع.
ابن عبد السلام: حكى المصنف الاتفاق لكونه لم يطلع على الرواية التي في المذهب بمنع رهن المشاع.
خليل: وقد يقال: هذا لا يرد؛ لأن كلام المصنف إنما هو في كيفية القبض، وذلك مستلزم لصحة الرهن ابتداء، فكأنه يقول: اتفق القائلون برهن المشاع على هذا، والله أعلم.
وإن كان غير عقار؛ حيواناً أو عروضاً، فقال ابن القاسم في المدونة: هو كالعقار. وقال أشهب وعبد الملك: لا بد من قبض المرتهن الجميع أو جعله بيد الشريك أو بيد غيرهما، هكذا نقل اللخمي وابن يونس قول أشهب، فوجه قول ابن القاسم القياس على العقار.

الصفحة 107