كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

ولَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي وَطْءٍ بَطَلَ الرَّهْنُ، وكَذَلِكَ فِي إِسْكَانٍ أِو إِجَارَةٍ
مقتضاه: أن مجرد الإذن كافٍ في البطلان وهو نص المدونة في حريم البئر، ففيها: لو أذن المرتهن للراهن أن يسكن أو يكري؛ فقد خرجت الدار من الرهن وإن لم يسكن ولم يكرِ. وقال أشهب: بل حتى يكريها. وظاهر كلام غير واحد أن قول أشهب خلاف، وصرح بذلك المازري. وقال ابن حارث: معنى قول ابن القاسم أن الرهن كان على يد أمين، ومعنى قول أشهب: أن الرهن كان على يد المرتهن. وهكذا نقل ابن راشد قول ابن حارث، وذكره المازري على أنه قول ثالث في المسألة، فقال: فقد رأى ابن القاسم أن مجرد الإذن كالترجيح بإسقاط حق المرتهن، وكما أن عقد الرهن يلزم بالقول فكذلك يسقط وهو الأشبه بأصل المذهب، واستصحب أشهب الحوز.
تنبيه:
وقع في المدونة في الرهن فيمن ارتهن رهناً فقبضه ثم أودعه للراهن أو أجاره أو أعاره إياه أو رده إليه بأي وجه كان حتى يكون الراهن هو الحائز له؛ فقد خرج من الرهن. وجعله ابن عبد السلام مخالفاً لما في كتاب حريم البئر، وكذلك قال أبو الحسن، وظاهر هذا: أن مجرد الإذن لا يبطل، وفيه نظر؛ لأنه لا منافاة بين البابين، لأنه نص في باب الرهن على وجه متفق عليه، وبين ما في حريم البئر أن الرهن يبطل بمجرد الإذن، وقد حمل ابن يونس وغيره ما في حريم البئر على أنه تقييد لما في الرهن، ولم ينقل المازري عن ابن القاسم إلا ما في حريم البئر، والله أعلم.
وَلَكِنْ يَتَوَلاَّهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ
ضمير (يَتَوَلاَّهُ) عائد على ما فهم من إجارة وإسكان، يعني: ولكن إن أراد الجمع بين صحة الإجارة وتمام الرهن فليتول المرتهن الكراء بإذن الراهن له في ذلك. وظاهر

الصفحة 118