كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

اليمين أم لا؟ فمن ألزمه بنى على أنها جنس فيكون كمن حلف بعتق بعض الجنس، ومن لم يلزمه بنى على أنهما جنسان، فلما حلف بعتق الذكور كان كمن لم يعم الجنس، وهذا مذهب المدونة في العتق الأول، وهو خلاف ما نص عليه في السلم أنهما جنس واحد.
وفيه نظر؛ لأن غاية ما يستفاد من مسألة الحالف اختلاف الجنسية، واختلاف الجنسية أعم من اختلاف المنفعة أو اتحادها، والحاصل مما تقدم من قوله: (الْجَوَادِ) إلى هنا أن الجيد لا يسلم في الرديء لما تقدم أن الجودة والرداءة لا ينقل جنسها على الأصح عن أصله إلا إذا كان معها معاراً آخر، ولذلك يسلم البعير المعروف بالنجابة في حواشيها كالخيل والبقر القوية على الحرث والعمل في حواشيها، والشاة الغزيرة اللبن في حواشي الغنم، والصغير والكبير مختلفان في سائر الحيوان إلا الغنم وبني آدم؛ لأن المراد من الغنم الغالب في اللحم، ومن بني آدم الخدمة في الحال والمآل، وأما غيرهما فمنافعها شتى كالقوة على الحمل، والنجابة في الجري.
أبو الظاهر: الحيوان ناطق، وغيره؛ فالناطق نصوص المتقدمين: لا يختلف [499/ب] بالكبر والصغر. وغير الناطق مأكول وغيره؛ وغير المأكول اختلف فيها المذهب كالخيل والبغال والحمير، وهو خلاف في شهادة. والمأكول ثلاثة: صنف فيه القوة على الحمل والعمل كالإبل والبقر فلا خلاف أن الصغير بخلاف الكبير، وصنف ليس فيه منفعة مقصودة ولا قوة على الحمل والعمل كالطير الذي للأكل لا للولادة لا خلاف في تسوية الكبير والصغير؛ لأن المقصود منهما معاً مجرد اللحم، وصنف لا قوة فيه على الحمل والعمل وفيه منفعة مقصودة وهي الذرية والنسل كالغنم ففيه قولان وهما خلاف في شهادة.
والصَّنَائِعُ النَّادِرَةُ فِي الآدَمِيِّ كَالتَّجْرِ والْحِسَابِ وَشِبْهِهِ مُعْتَبَرَةٌ بِاتِّفَاقٍ
كلامه ظاهر التصور، ولا يريد بـ (النَّادِرَةُ) أن تكون الصنعة قليلة الوجود جداً على ما يتبادر إلى الذهن من هذا اللفظ، وإنما مراده ما يوجد في بعض الأشخاص دون بعض.

الصفحة 17