كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

وأما لو كان عوض أحد الجملين دراهم أو دنانير فقال في المدونة: إن عجل الجملان جاز، تأخر النقد أم لا، وإن تأخر أحد الجملين امتنع، تعجل النقد أم لا؛ لأنه رباً.
وَأَلْزَمَ أَشْهَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ دِينَاراً لِدِينَارَيْنِ كَذَلِك فَالْتَزَمَهُ وَلا يَلْزَمُهُ
يحتمل أن أشهب هو المُلْزِمُ للمغيرة، وكذلك ذكره ابن بشير في كتاب الصرف، ويحتمل أن يكون أشهب مفعولاً مقدماً، والمغيرة هو الفاعل، وكذاك ذكره ابن بشير في السلم الثالث، وهو الذي ذكره المازري وغيره، وهو الصواب.
ويقع في بعض النسخ تقديم المغيرة، وهو واضح في هذا المعنى، ووجه الإلزام أن الزائد إن كان المقصود به المعروف جاز فيهما، وإلا منع فيهما، ورد عبد الحق الإلزام بأن الربا في العين أضيق؛ لأن الزيادة في العروض نقداً جائزة، وإلى أجل فيه خلاف.
وقد أجازه الشافعي وغيره بخلاف النقد فإنه أجمع على منع الربا فيه، إلا ما نقل عن ابن عباس بأنه أجازه فيه، ويقال: إنه رجع عنه، وإليه أشار بقوله: (وَلا يَلْزَمُهُ).
واختلف الشيوخ بناءً على صحة الإلزام، هل يلزم المغيرة أن يقوله في دينارين معجلين للمعروف أم لا؟ لأن كل منها صالح للعوضية، وليس أحدهما أولى بخلاف مسألة المعجل أحدهما.
ابْنُ الْقَاسِمِ: ومَنِ اسْتَصْنَعَ طَسْتاً أَوْ سَرْجاً فَسَلَمٌ، فَيُقَدَّمُ الثَّمَنُ ويُضْرَبُ الأَجَلُ، وَيَفْسُدُ بِتَعْيينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالصَّانِعِ؛ لأَنَّهُ غَرَرٌ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ إِنْ شَرَعَ بِغَيْرِ أَجَلٍ ....
لا شك في الجواز إذا لم يعين الصانع ولا المصنوع منه، وأنه سلم يجري على أحكام السلم من تقديم الثمن أو تأخيره اليومين والثلاثة، وضرب الأجل ووصف العمل.
و (سَلَمٌ) خبر مبتدأ محذوف؛ أي: فاستصناعه سلم.

الصفحة 25