كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

التأخير من جهته؛ لأنه ظلمه بالتأخير فتخييره بعد ذلك زيادة في ذلك الظلم، وإلى ذلك أشار ابن عبد السلام.
ويشبه هذه المسألة إذا أسلم في أضحية فلم يأت بها البائع حتى فات زمن الأضحية، وإذا هرب البائع في السلم ممتنعاً من قبض رأس المال، وفيها في المذهب اضطراب.
فَلَو قَبَضَ الْبَعضَ فَسِتَّةٌ؛ يَجِبُ التَّأخِيرُ إِلا أَنْ يَتَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وقَالَ أَصْبًغُ بِعَكْسِهِ، وقَالَ سُحْنُونٌ: يَجِبُ التَّاخِيرُ، وقَالَ أَشْهَبُ: تَجِبُ الْمُحَاسَبَةُ، وقِيلً: الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وقِيلً: إِنْ قَبَضَ الأَكْثَرَ جَازَ التَّاخِيرُ، وإِلا وَجَبَتِ الْمُحَاسَبَةُ
أي: إذا قبض بعض المسلم فيه وتأخر بعضه لفقده وذلك في صورتين:
الأولى: أن يسلم فيما له إبار ثم ينقطع، وهي التي في المدونة وغيرها.
والثانةي: أن يسلم في ثمرة قرية مأمونة فتصيب ثمرتها جائحة، وهي التي ذكر اللخمي فيها الخلاف، وأما القرية غير المأمونة فحكى عياض وغيره فيها قولين:
أحدهما: وجوب المحاسبة ولا يجوز البقاء لقابل.
والثاني: الجواز، وصوبه ابن محرز.
عياض: وأما لو أجيحت فيلزمه البقاء اتفاقاً، وأما الحائط المعين فيفسخ فيما بقي اتفاقاً، نقله اللخمي وابن يونس وغيرهما.
وقوله: (فَسِتَّةٌ) أي: أقوال:
الأول: أن الحكم وجوب التأخير، ومن دعا إليه منهما كان القول قوله إلا أن يتراضيا بالمحاسبة، وهو قول مالك الذي رجع إليه في المدونة، وقول ابن القاسم وسحنون، وصوبه التونسي؛ لأن السلم يتعلق بالذمة، فلا يبطل ببطلان الأجل كالدين ولا يتهمان على قصد البيع والسلف؛ لأن انقطاعه إنما هو من الله تعالى، وكذلك لو كان هو رب

الصفحة 35