كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

أحدهما، فإن التهمة أيضاً منتفية بخلاف ما لو سكت المشتري عن طلب البائع حتى يذهب الإبار فلا يجوز تراضيهما على المحاسبة؛ لأنهما يتهمان على البيع والسلف، وهل من شرط تراضيهما بالمحاسبة ألا يكون رأس المال مقوماً؟
لم يشترط ذلك ابن القاسم واشترطه سحنون؛ ليأمنا من الخطأ في التقويم؛ لأنه إذا كان مقوماً جاز أن يكون مخالفاً بالقلة والكثرة فيكون إقالة في البعض على غير رأس المال إلا أن يكون المردود من الأثواب جزءً شائعاً فيكون المشتري شريكاً للبائع في رأس المال، وإذا تراضيا على المحاسبة فلا يجوز أن يأخذ بقية رأس ماله عوضاً ولا غيره؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، قاله أبو بكر بن عبد الرحمن والتونسي، ولم يعتبروا تهمة البيع والسلف للضرر الداخل عليهما بالتأخير.
القول الثاني: لأصبغ عكس الأول تجب المحاسبة إلا أن يتراضيا بالتأخير، وَضُعِّفَ؛ لأنه إذا وجبت المحاسبة فليس للمشتري على البائع سوى بقية رأس المال، فإذا اجتمعا على التأخير لزم فسخ دين في دين، وأجاب المازري بأن فسخ دين في دين هنا ليس متفقاً عليه؛ لأنه قد قيل بوجوب التأخير ابتداء.
القول الثالث: [502/ب] وهو قول مالك الأول في المدونة، ونقل عن سحنون أيضاً يجب التأخير، وليس لهما أن يتراضيا بالمحاسبة، ووجه ما ذكره التونسي في توجيه الأول.
القول الرابع لأشهب في الموَّازيَّة: تجب المحاسبة، ولا يجوز لهما أن يتراضيا على التأخير؛ لأن الأجل مقصود فيفسخ بفواته، ولا يجوز لهما أن يتراضيا على التأخير؛ لأنه كفسخ دين في دين، ويجوز على هذا أخذ عوض عن بقية الثمن ناجزاً كالحائط المعين.
الخامس: لابن القاسم في الموَّازيَّة: الخيار للمشتري في الفسخ والإبقاء؛ لأن الحق له.
السادس: أن المسلم إذا قبض أكثره جاز التأخير والمحاسبة، وإن قبض أقله وجبت المحاسبة، وعزاه ابن يونس لمالك، وابن بشير لابن القاسم.

الصفحة 36