كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

ابن عبد السلام: وقول محمد أظهر، وقال ابن راشد: والأول أقيس، ويعكس على قول محمد ما حكاه اللخمي في من غصب أرضاً فبناها.
وَحَيْثُ أُلْزِمَ الْغَاصِبُ الْغَلَّةَ فَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْعَبْدِ والدَّابَّةِ وسَقْيِ الأَرْضِ وعِلاجِهَا ونَحْوِهِ يُقَاصُّ بِهِ، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَرْجِعْ ....
هذا مذهب ابن القاسم في المدونة وحاصله أنه يرجع بالأقل مما أنفق أو الغلة، وقاله ابن القاسم في الموازية ثم رجع في الموازية وقال: لا شيء للغاصب واختاره ابن المواز، والأول أظهر؛ لأن الغاصب وإن ظلم فلا يظلم، ولأن الغلة إنما نشأت عن عمله، فلهذا لو قيل: إنما يرجع فيما زاد عمله في الغلة لكان وجهاً حسناً، وهذا في كل ما ليس للمغصوب منه بد كطعام العبد وكسوته، وعلف الدابة، وأما الرعي وسقي الأرض فإن كان يستأجر له أو كان في يده فكذلك، وإن كان يتولاه بنفسه أو بعبده فلا شيء عليه، وقاله أصبغ في سقي الشجر وحرث الأرض.
اللخمي: وأرى أن يكون على الغاصب الأقل من ثلاثة: إجارة المثل فيما يتولاه الغاصب، أو ما آجر به عبيده أو دوابه، أو تسليم الغلة التي اغتلها الغاصب.
فَلَوْ بِيعَ الْمَغْصُوبُ أَوْ وُرِثَ؛ فَإِنْ عَلِمَ المشتري فَكَالْغَاصِبِ
يعني: فلو باع الغاصب المغصوب، أو مات الغاصب فورثه ورثته، (فَإِنْ عَلِمَ المشتري) بذلك والوارث، وفي بعض النسخ: (علم) فقط، فيكون الفاعل أحدهما لا على التعيين (فَكَالْغَاصِبِ) أي في لزوم رد الغلات؛ لأنه لما علم بالغصب وجب عليه الرد ولا عذر له، بل قال أبو عمران: وإنما يشترط علم المشتري وأما الوارث فإنما ينظر إلى معرفة الناس في ذلك.

الصفحة 538