كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

حقيقة الشفعة، ومن هذا المعنى ما في الموازية والعتبية في من له امرأة ثلثها حر وباقيها رق، وولادها منه كذلك، فأراد المولى بيعها فطلب الزوج أخذها، فذلك له؛ لأنَّ فيه منفعة الابن فليُباعا عليه، وذكر ابن حبيب عن مالك في أمة تحت حر له منها أولاد وفي حامل فبيعت مع أولادها، أنَّ الزوج أحقُّ بهم إن شاء ذلك ما بلغوا وقاله أصبغ، ومثل هذا في العتبية.
ابن راشد: ولو لم يكن له منها ولد لكان المشتري أولى، والحامل مثل ذات الولد، وروى عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى بالشفعة في الدين: وهو الرجل يكون له الدين على الرجل فيبيعه فيكون صاحب الدين أحق به»، زاد في طريق آخر: «وإذا أدى مثل الذي أدى صاحبه».
قوله: (وَإِجَارَةِ الأَرْضِ لِلزَّرْعِ) لا يريد خصوصية هذه المسألة بل كل كراء والقولان لمالك، ومذهب ابن القاسم في المدونة سقوطها، وهو قول عبد الملك والمغيرة، وبوجوبها قال مطرف وأشهب وأصبغ.
واختف أيضاً في المساقاة كالكراء والأقرب سقوطها في هذا الفرع؛ لأن الضرر فيها لا يساوي الضرر في العقار الذي وجبت الشفعة فيه.
وَفِي الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِي أَرْضِ الْحَبْسِ وَالْعَارِيَةِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ - قَوْلانِ، ويُقَدَّمُ الْمُعِيرُ بِالأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ أَوِ الثَّمَنِ، فَإِنْ أَبَى فَلِلشَّرِيكِ بِالثَّمَنِ
يعني: أن البناء إذا كان بين شريكين مشاعاً ولا ملك لهما في العرصة كما كانت محبسة أو معارة فباع أحدهما، فهل للآخر الشفعة أم لا؟ قولان: المشهور وجوب الشفعة؛ وهي إحدى مسائل الاستحسان كما تقدم، وقال ابن المواز: لا شفعة في ذلك.
واعلم أنه اختلف أولاً، هل يجوز هذا البيع وهو المشهور أو لا؟ وهو الذي رواه أشهب، وقاله سحنون؛ لأن المعير يقدم عليه، وله أن يبقيه ويعطي قيمة نقضه، أو يأمر

الصفحة 570