كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

خليل: وينبغي أن يتفق في الأحكام التي عندنا بمصر أن تجب الشفعة في البناء القائم فيه؛ لأن العادة عندنا أن [586/أ] رب الأرض لا يخرج صاحب البناء أصلاً، فكان ذلك بمنزلة مالك الأرض، وقاله شيخنا رحمه الله تعالى.
وَفِي غَيْرِ الْمُنْقَسِمِ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ قَوْلانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِضَرَرِ الشَّركَةِ أَوْ لِضَرَرِ الْقِسْمَةِ ....
يعني: وفي الشفعة فيما لا يقبل القسمة إلا بضرر (قَوْلانِ) وهما لمالك.
ابن عبد السلام: وفي المدونة ما يدل على كل واحد منهما، انتهى.
وبعدم الشفعة قال ابن القاسم ومطرّف وابن الماجشون واصبغ.
صاحب الوجيز: وعدم الشفعة هو المشهور.
صاحب المعين: وبه القضاء وأفتى فقهاء قرطبة به لما جمعهم القاضي منذر بن سعيد؛ إذ كان به القضاء عندهم، فرفع الشفيع أمره إلى أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد وقال: حكم علي بغير قول مالك، فوقع بخط يده إلى القاضي أن يحمله على قول مالك، ويقضي له به، فجمع القاضي منذر بن سعيد الفقهاء، وشاورهم فقالوا: مالك يرى في الحمَّام الشفعة، فقضى منذر بذلك وحكم له بها، وقال ابن حارث: وأخبرني من أثق به أنه جرى العمل عند الشيوخ بقرطبة بإيجاب الشفعة.
وقوله: (كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ): أي من الأبرجة والآبار والعيون والشجرة الواحدة وشبه ذلك ومنشأهما ما أشار إليه المصنف وهو أن الشفعة إنما شرعت لدفع الضرر، وهل ذلك لدفع ضرر الشركة؟ فتجب الشفعة في ذلك حتى لا يضر بالشريك الداخل، أو إنما ذلك لدفع ضرر القسمة؛ لأن أخذ الشركاء له به طلب الباقين بالقسمة، فإذا اشترى أجنبي من أحدهم خشي الباقون أن يدعوهم المشتري إلى القسمة، وقد يكون

الصفحة 572