كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

ذلك مضرّاً بهم؛ لأن كل واحد يحتاج إلى استحداث مرافق في نصيبه غالباً فشرعت الشفعة لرفع هذا الضرر، وعلى هذا فلا شفعة فيما لا ينقسم، لعدم حصول هذا الضرر فيه، والأول أظهر للاتفاق على وجوب الشفعة في ما ينقسم من حيث الجملة إلا أنه لا يمكن فيه القسم لكثرة الشركاء، وتنازعا في قوله عليه السلام: «الشفعة فيما لا ينقسم» هل المعنى عام فيما يقبل القسمة وما لم يقبلها؟ أو هو مقصور على ما يقبلها؛ لأن نفي الصفة عن الذات يستدعي قبولها، ولهذا لا يقال: الأعمى لا يبصر، ومن منع ذلك استدل بقوله تعالى (لا تَاخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ) [البقرة: 255].
وفِي الْمُنَاقَل بِهِ - وَهو أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ بِحِصَّةٍ أَوْ دَارٍ وزِيَادَةٍ - ثَالِثُهَا: إِنْ عُلِمَ الْقَصْدُ للسُّكنَى فَلا شُفْعَةَ، ورَابِعُهَا: إِنْ نَاقَلَ بِحِصَّتِهِ حِصَّةً لِبَعْضِ شُرَكَائِهِ فَلا شُفْعَةَ ....
لم يختلف في وجوب الشفعة إذا بيع الشِّقص بعين أو عرَض، واختلف إذا بيع بحصة أخرى أو دارٍ كاملة لأجنبي أو بعض شركائه، فمذهب ابن القاسم وروايته عن مالك وجوب الشفعة في ذلك.
ابن القاسم في العتبية: وهو الشأن
قال في البيان: وهو الصحيح؛ لأنه بيع فكان كغيره، والقول بعدم الشفعة مطلقاً لم أره، ولعلَّ صاحبه رأى أن المناقلة من باب المعروف.
والقول الثالث: هو الذي كان مالك يقول: إنه إن أراد بالمناقلة السُّكنى ولم يرد البيع لا شفعة في ذلك وقاله ربيعة.
والقول الرابع عده المصنف خلافاً، وهو أمر يحتمل؛ لأن الذي نقله العتبي وتبعه اللخمي وابن رشد وغيرهما أن مطرف وابن الماجشون قالا: إن المناقلة التي قال مالك:

الصفحة 573