كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

البياعات فكذلك له الأخذ بالبيع الأول وإبطال القسمة التي هي أضعف من البيع، وقاله ابن القاسم وأشهب في الموازية إلا أن أشهب أشار إلى تردد في المجموعة.
فقال: إنه ليأخذ بالقلب أن ليس له رد القسم؛ لأنهم قاسموا من تجوز قسمته، يعني من بقية الشركاء ووكيل الغائب، ولهذا قال سحنون: يمضي القسم وللشفيع أخذ ما وقع للمبتاع بالقسم بالشفعة، وظاهره وظاهر المدونة سواء كان القسم بحكم أو بغيره، لكن تأوله صاحب [591/أ] النكت على ما إذا لم يكن بحكم، قال فلذلك قال: إن له نقض القسم، قال: وأمَّا إذا رَفَعَ إلى الحاكم فالقسم ماض ويأخذ الشفيع ما يقع به القسم، وهذه التفرقة هكذا في مذهب أشهب، ويمكن أن يجمع بين قوله في المدونة وقول سحنون بهذا ولا يبقى في المسألة خلاف فيحمل قوله في المدونة على ما إذا لم يحكم وقول سحنون على ما إذا كان بحكم.
وَيَاخُذُ بِأَيِّ الْبُيُوعِ شَاءَ فَيُنْقَضُ مَا بَعْدَهُ
قال في الجلاب: وإذا بيع السهم الذي فيه الشفعة مراراً قبل أخذ الشفيع فله أن يأخذ بأي الصفقات شاء، فإن أخذ بالصفقة الأخيرة، صحت الصفقة التي قبلها، وإن أخذ بالصفقة الأولى بطلت الصفقة التي بعدها، اتفقت الأثمان أو اختلفت، والاختيار إليه في العهدة والثمن.
وإن أخذ بالصفقة الوسطى صح ما قبلها وبطل ما بعدها، وقيد اللخمي هذا إنما إذا لم يكن حاضراً، وأما الحاضر العالم فإنه تسقط شفعته في البيع الأول وتثبت في البيع الثاني، وكذلك إن كثرت البياعات إنما يكون له الأخذ بالأخير.
الْمَاخُوذُ بِهِ مِثْلُ الثَّمَنِ أَوْ قِيِمَتِهِ فِي الْمُقَوَّمِ
هذا هو الركن الرابع؛ يعني أن الشفيع يأخذ الشِّقص بمثل ما دفع فيه المشتري إن كان مثلياً أو بقيمته إن كان مقوماً وهو ظاهر، فإن لم يجد مثل المثلي غرم قيمته، قاله مالك في المجموعة فيمن اشترى بثمن فلم يجده الشفيع.

الصفحة 604