كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

على الخلاف، فمرة جعل ذلك كالبيعِ يلزمه بالتسمية ومرة نفى ذلك، وقيل: ليس بخلاف واستظهر، ويتأول قوله في الشفعة سماه على معنى عينه، وفي الهبة على أنه شرط الثواب لا غير، وإليه ذهب أبو عمران وغيره.
وَمَا حُطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ فَيُحَطُّ اتِّفَاقاً، وَلإِبْرَاءٍ قَالَ أَشْهَبُ: يُحَطُّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَ مِثْلَهُ يُحَطُّ عَادَةً ....
يعني: أن ما حط من الثَّمَنِ بعد تقريره على المشتري لعيب فيحطّ اتفاقاً عن الشفيع، وإن حط لا لموجب بل لإرادة إصلاح البيع أو التبرع على المشتري، (فَقَالَ أَشْهَبُ: يُحَطُّ) وقال ابن القاسم: إنما يحط إذا كان مثله يحطُّ عادة، وهكذا في المدونة ففيها: ومن اشترى شِقْصاً بألفٍ ثم وضع عنه البائع تسعمائة درهم بعد أخذ الشفيع أو قبله نظر، فإن أشبه أن يكون ثمن الشِّقْص عند النَّاس مائة درهم إذا تَبَايعوا بينهم واشتروا بغير تغابن وضع ذلك عن الشفيع؛ لأن ما أظهر له من الثمنِ الأول إنما كانَ سبباً لقطع الشُّفْعَةِ وإنْ لم يشبه ثمنه أن يكون مائة لم يحط عن الشفيع، [592/أ] وإن كان لا يحط مثله عن الشَّفِيع شيئاً وكانت الوضيعة هبة للمبتاع، وقال في موضع آخر منها: إن يحط عن المبتاع ما يشبه أن يحط في البيوع، وضع ذلك عن الشفيع، وإنما لا يحط مثله، فهي هبة ولا يحط عن الشفيع شيئاً، وهذا الأخير هو الذي نقله المصنف على أنّ صاحبَ النُّكت وابن يونس قالا إن القولين ليسا بخلاف، وإنما هما راجعان إلى شيء واحد؛ لأن معنى قوله: وإن حط ما لا يحط في البيوع لا يوضع عنه شيء، يريد: وثمن الشقص أكثر من الباقي بعد الحطيطة، وأما إن كان ثمن الشقص مثل الباقي بعد الحطيطة فأقل فالأمر ما ذكر أولا.
عبد الحق: والحطيطة ثلاثة أقسام: منها ما يكون هبة للمبتاع لا يحط الشفيع، ومنها ما يشبه حطيطة البيع فيحط للشفيع، ومنها ما يظهراه لقطع الشفعة ثم يسقطاه ويكون الباقي مثل قيمة الشقص فهذا يحط للشفيع.

الصفحة 610