كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

تأخير الثوب والطعام؛ يريد: إذا كان التأخير بغير شرط، وأما إن كان بشرط فإنه يفسد. نص عليه في المدونة، وحمل ابن محرز وغيره الكراهة على إطلاقها، ومنهم من قيدها بما إذا لم يكل الطعام الذي هو رأس المال ولم يحضر الثوب محل العقد، أما إذا كيل الطعام وأحضر الثوب فقد انتقل ضمانهما إلى المسلم إليه وصار كالحيوان، فلا معنى للكراهة.
وإليه الإشارة بقوله: (وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يُكَلِ ... إلخ) ولم يذكر المصنف الحيوان، ولعله رآه كالعرض كما قال بعضهم، وقد ذهب فضل بن سلمة وبعض القرويين إلى أنه لا فرق بين العرض والطعام إذا أخره، ولم يذكر المعين بغير شرط حل الأجل أم لا، وأنه جائز ماض، وأنه إنما أطلق الجواز في المدونة في مسألة الحيوان؛ لأنه سئل عن أمر وقع وكرهه في الأخرى ابتداءً، كما يكرهه في الأولى، وإليه نحا أبو عمران أيضاً، وذهب ابن أبي زمنين وجماعة من الشارحين إلى أن مذهب الكتاب أن تأخير رأس مال السلم بغير شرط المدة الكثيرة على ثلاثة أقسام؛ ففي العين يفسخ، وفي العرض والطعام يكره فيهما ذلك ولا يفسخ، وفي الحيوان لا يكره ذلك فيه ولا يفسخ، لأن الحيوان مما لا يغاب عليه، وقال أبو محمد اللؤلؤي: الطعام أشد؛ إذ لا يعرف بعينه، وفرق [498/أ] بين العروض والحيوان لأنهما مما يغاب عليهما، وهذا على القول بأن مصيبة الحيوان من مشتريه، وأما على القول بأن مصيبته من البائع فلا فرق بينه وبين العرض.
خليل: وينبغي أن تحمل كراهة الإمام في الطعام على التحريم؛ لأنه إذا لم يكل لم يكن بينه وبين العين فرق، وينبغي إذا أحضر الثوب أن يجوز؛ لأنه بحضوره يتعين، فلا يكون ديناً بدين، والله أعلم.
ويَجُزُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ اتِّفَاقاً
أي: ويجوز أن يكون رأس المال منفعة معين كدار معينة ونحو ذلك.

الصفحة 7