كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

وَإذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً؛ جَازَ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْقَرْضِ لأَنَّهُ إِجَارَةٌ ....
لما ذكر أن الغلة للراهن ذكر أنه يجوز للمرتهن أن يشترط منفعة المرهون مدة معينة بشرط أن يكون ذلك في بيع، فلو كان في قرض لم يجز.
واحترز بـ (الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) من غيرها، فيمتنع للجهالة.
وقوله: (لأَنَّهُ إِجَارَةٌ) يحتمل أن يكون تعليلاً لجواز الاشتراط في البيع، أو لمنفعة في القرض.
أما بيان الأول؛ فلأن استثناء المنفعة مدة معينة يرجع إلى الإجارة فصار بائعاً لسلعته بثمن سماه، وبعمل الدابة مثلاً فلذلك جاز، لأن المشهور جواز اجتماع البيع والإجارة.
وأما بيان الثاني؛ فلأنه إذا كان إجارة، [511/أ] يلزم السلف بزيادة الإجارة.
والأقرب إلى لفظه الأول، ولأنه كذلك في الجواهر وغيرها.
وظاهر كلام المصنف: أنه لا فرق بين الحيوان وغيره، وهو اختيار ابن القاسم. وفي المدونة قال مالك - رحمه الله -: وإذا اشترط المرتهن منفعة الرهن؛ فإن كان الدين من قرض لم يجز، لأنه سلف جر منفعة، وإن كان من بيع وشرط منفعة الرهن زماناً مسمّى فلا بأس به في الدور والأرضين، وكرهه مالك في الثياب والحيوان؛ إذ لا يدري كيف ترجع إليه. وقال ابن القاسم: لا بأس به في الحيوان والثياب وغيرها؛ لأن ذلك إجارة.
وعن مالك أيضاً كقول ابن القاسم، وبه قال أشهب وأصبغ.
التونسي: ويأتي على قول مالك في هذه المسألة، أنه لا يجوز رهن الغرر في أصل البيع، خلاف ظاهر الروايات في المدونة وغيرها. قال في البيان: وكره مالك ذلك ولم يقل ما الحكم فيه إذا وقع، ويتخرج في ذلك أربعة أقوال:

الصفحة 92