كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 6)

الثاني: الكلام المتقدم إنما هو إذا اشترط المنفعة في عقد البيع، وأما إن أباح له الانتفاع بعد؛ فلا يجوز في بيع ولا قرض؛ لأنه إن كان بغير عوض هدية مديان، كذا نص ابن راشد وغيره على المنع. وإن كان بعوض جرى على الكلام في مبايعة المديان، قال اللخمي.
الثالث: إذا شرط أن يأخذ الغلة من دينه؛ جاز في القرض ولا يجوز في عقد البيع، وأما بعد عقد البيع فجائز؛ إذ لا يدري أي مقدار يكثر، نص على ذلك في حريم البئر.
الرابع: حيث أجزنا اشتراط المنفعة فإنما نجيزه فيما يصح كراؤه، فلا يجوز اشتراط منفعة الأشجار؛ إذ لا يجوز كراؤها لأخذ ثمارها، إلا أن تكون ثمرتها قد طابت فيجوز اشتراطها في ذلك العام فقط.
الخامس: إذا رهنه وأذن له في الكراء وأن يقبضه من دينه ففرط في كراء ذلك حتى حل أجل الدين؛ فإن كان رب الرهن حاضراً وقد علم أنه لم يكرها ولم ينكر؛ فلا شيء على المرتهن، وإلا ففي تغريمه كراء المثل قولان لابن الماجشون وأصبغ.
فضل: وقول ابن الماجشون بالتغريم هو أصل ابن القاسم، هكذا حكى ابن راشد. وقال الباجي: إذا ترك المرتهن كراء الدار حتى حل الأجل؛ فإن كانت من الدور التي لها قدر كدور مكة ودور مصر، أو كان العبد نبيلاً؛ ارتفع ثمنه لخراجه فلم يكره فهو ضامن لأجر مثله، وإن لم يكن كبير كراء، ومثله يكري أو لا يكري لم يضمن، قاله ابن حبيب عن ابن الماجشون. وقال أصبغ: لا يضمن في الوجهين، وكذلك الوكيل على الأكرياء يترك ذلك فلا يضمن.
وَرَهْنُ فَضْلَةِ الرَّهْنِ بِرِضَا الأَوَّلِ جَائِزٌ، وحَوْزُهُ حَوْزٌ لَهُ، وقَالَ أَصْبَغُ: لا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ إِذَا عَلِمَ لِيَحْصُلَ الْحَوْزُ ....
يعني: إذا رهنت رهناً في دين وكانت قيمته أكثر من الدين؛ جاز لك أن ترهن الفضلة، ثم إن رهنتها من المرتهن الأول فلا إشكال، وذلك لم يتعرض له المصنف، وإن

الصفحة 94