كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وَالْيَدُ مُرَجَّحَةُ عِنْدَ التَّسَاوِي مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى أَنَّ الْحَائِزَ لا يَنْتَفِعُ بِبَيِّنَةٍ ....
يعني: إذا تعارضت البينتان وتساوتا فإنما تسقطان ويبقى الشيء بيد حائزه ترجيحاً لليد، هذا هو المشهور، ومقابله لعبد الملك أن بينة الحائز لا تسمع وأن البينة بينة الخارج، وتقدم وجهه.
وقوله: (عَلَى الْمَشْهُورِ) راجع للترجيح باليد لا إلى اليمين. ابن عبد السلام: ويحتمل أن يكون مقابل المشهور قولاً بالاكتفاء باليد من غير بينة وأحفظه منصوصاً، واعترض ابن عبد السلام على المصنف: بأن إيراد هذه المسألة في مسائل الترجيح بين البينتين؛ لأن البينتين تساقطتا عند المساواة فصارتا كالعدم وبقي حوزه على ما كان عليه، وكأن المصنف أتى بها لمناسبتها ما تقدم في مطلق الترجيح.
فَلَوْ تَرَجَّحَتِ الْبَيِّنَةُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْيَدِ، وَفِي يَمِينِ الْخَارِجِ حِينَئِذٍ قَوْلانِ
يعني: فلو ترجحت بينة الخارج سقطت اعتبار اليد، واختلف في يمين الخارج حينئذٍ، أي: حين الترجيح على قولين، ورجح توجيه اليمين لليد، والمراد بالداخل الحائز، فإن قيل: هل يفهم من كلام المصنف أنه لو ترجحت بينة الحائز لا يفتقر إلى يمين. قيل: لا؛ لأن بينة الداخل فيها قولان كما تقدم، فإذا كان يحلف مع البينة المسموعة اتفاقاً؛ فلأن يحلف مع المختلف في سماعها أولى، وإذا ترجحت إحداهما قضى بها، وفي يمين من قضى له قولان.
وَاشْتِمَالُ إِحْدَاهُمَا عَلَى تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ بسَبَبِ مِلْكٍ مُرَجَّحٌ
(اشْتِمَالُ) مبتدأ، و (مُرَجِّحٌ) خبره؛ يعني: إذا شهدت إحداهما أن هذا يملكه من سنة والأخرى يملكه من سنتين؛ فإنه يقضي بأبعد التاريخين، قال في المدونة: وإن كانت

الصفحة 10