كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

فادعاه كان له. وقال أصبغ في العتبية: يوقف النصف، قال: لأن كلاًّ منهما يقر بالنصف للصغير فله النصف ويجبر على الإسلام ويقسم النصف الآخر بينهما، هكذا نقل صاحب النوادر قول أصبغ، ونقله المازري على أنه يوقف نصف ما بيد كل واحد من الولدين؛ لأن هذا يجوز إذا كبر أن يدعي دعوى أحدهما فيكون الواجب قسمة المال بينه وبين الصغير، ويكون ما أخذه المخالف له في الدعوى كمال غصبه غاصب من التركة قبل القسمة، وهو مخالف لظاهر نقل أبي زيد من وجهين؛ أولهما: الاتفاق. وثانيهما: أن ظاهره في الآخر المخالف أن يسترجع ما أوقف من نصيبه. والله أعلم.
الدَّعْوَى والْجَوَابُ والْيَمِينُ والنُّكُولُ والْبَيِّنَةُ
أما البينة فقد تقدمت، وأما الأربعة التي قبلها فذكرها في القضاء أنسب، وهي مرتبة في الواقع على نحو ما ذكرها المصنف.
وَمَنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِرْجَاعِ عَيْنِ حَقَّهِ بيَدِهِ آمِناً مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ نِسْبَةٍ إِلَى رَذِيلَةٍ جَازَ لَهُ
يعني: إنما يحتاج إلى الدعوى من لا يقدر على أخذ متاعه، وأما إن قدر على أخذ شيئه بعينه وأمن من فتنة تترتب على أخذه؛ من قتال، أو إراقة دم ونحو ذلك من غير رفع إلى الحاكم؛ لأن المقصود من الرفع إنما هو الوصول إلى الحق، فإذا أمكن ذلك بدونه فالرفع إليه عناء، وربما لم يجد الرافع بينة فيؤدي إلى ضياع ماله، وهو ضد ما أمر به من حفظه.
وَأَمَّا فِي الْعُقَوبَةِ فَلابُدَّ مِنَ الْحَاكِمِ
يعني: انه إنما يستوفي حقه إذا كان مالاً، وأما إن كان حقه عقوبة فلابد [689/أ] من الرفع، وكذلك إذا كان حقاً لله تعالى حدَّا كان أو أدباً.

الصفحة 17