كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وأَمَّا مَنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِه، فَثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ جَازَ
يعني: وأما إن قدر على أن يأخذ غير حقه فثلاثة أقوال، وتصورها من كلامه ظاهر، وقد تقدمت هذه المسألة آخر كتاب الوديعة وتكلمنا عليها بما فيه كفاية، لكنه إنما ذكر الخلاف في المسألة السابقة في مثل حقه، وها هنا عم الجنس وغيره، واختلف على القول بإجازة الأخذ من غير جنس حقه، هل يتولى بيع ذلك وهو اختيار بعض الشيوخ.
المازري: أو يرفع إلى الحاكم ليتولى ذلك وفيه نظر؛ لأن الرفع إلى الحاكم يوجب عدم أخذه، وقد بنينا على القول بجوازه؛ لأن القاضي لا يبيع إلا بعد ثبوت دينه وكون ما يبيع ملكاً لغريمه. واختلف أيضاً هل يكون ضمان هذا الذي يباع من ضمان البائع، أو هو كالوكيل.
وَعَلَيْهِ الْخِلافُ فِي إِنْكَارِ مَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِنْ أَنْكَرَهُ غَيْرُهُ
أي: وعلى هذا الخلاف وهو ظاهر، واشترط في الجواهر أن يكون الحقان حالين.
ابن عبد السلام: واختلف هل له أن يحلف ويؤدي؟
وَالْمُدَّعِي: مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ. وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَنْ تَرَجَّحَ بمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ
لما كان يمين المدعي والمدعى عليه مما يشكل وجرى النظر فيه احتاج إلى تفريقهما، ويقال: إن علم القضاء يرد، وعلى تمييز أحدهما من الآخر فإن العلماء لا يختلفون في حكم كان منهما؛ يعني: أن من تمسك باستصحاب المال هو المدعى عليه، ومن أراد النقل عن ذلك فهو المدعي، والظاهر أن قوله: (أَصْلٍ) يغني عن قوله: (بمَعْهُودٍ) لأن المعهود هو أيضاً أصل فيستصحب، وعرفهما معاً ولم يكتب بواحد؛ لأن القصد من التعريف البيان، وإفراد كل منهما بالتعريف أوضح، ولكنه أشكل على تمييز أحدهما عن الآخر، فقد تكون معرفة كل واحد منهما ظاهرة، وقد تظهر معرفة أحدهما دون الآخر، فإذا كان رسم كل واحد منهما معلوماً عند الفقيه وعرضت عليه مسألة؛ نظر فيها بقول كل واحد من

الصفحة 18