كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

خلطته أو تهمته فيما ذكر لم يعرض له، ثم قيل: ما في الموضعين خلاف، وقال أبو عمران: المراد بالكفيل في الشهادات الوكيل، بمعنى أنه يوكل من يلازمه ويحرسه؛ لأنه يطلق على الوكيل كفيل، وقال ابن يونس: في الحمالة؛ يعني عن ابن القاسم: إذا لم يكن المدعي عليه معروفاً مشهوراً فللطالب عليه كفيل بوجهه ليوقع البينة على عينه، وأما لو كان المدعي عليه معروفاً مشهوراً؛ فليس للطالب عليه كفيل بوجهه، لأنا نسمع عليه البينة في غيبته، [690/أ] وكذلك معنى قول ابن القاسم، والله أعلم.
وَإِذَا امْتَنَعَع الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ إِقْرَارٍ أَوْ إِنْكَارٍ، فَرَوَى أَشْهَبُ: يُحْبَسُ، وَقَالَ أَصْبَغُ: هُوَ كَالنَّاكِلِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ بالْبَيِّنَةِ طُولِبَ بِهَا وَحُكِمَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يُخَيَّرُ فِي الثَّلاثَةِ، فَإِنِ اخْتَارَ الْحُكْمَ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَانَ عَلَى حُجَّتِهِ ...
يعني: إذا فرغ المدعي من دعواه كلف المدعي عليه بالجواب بأن يقر أو ينكر، فإن لم يفعل؛ فروى أشهب: يحبس حتى يقر أو ينكر واستصوبه محمد. ابن راشد: وهو الظاهر؛ لأن الخصم لم يتوجه عليه غير ذلك.
ابن عبد السلام: وبه جرى العمل ويؤدب. ابن سهل: وأفتى فقهاء قرطبة في مثل هذا بالضرب حتى يقر أو ينكر، فإن تمادى على إنكاره حلف عليه بغير يمين. وقال أصبغ: لا يخلو الذي وقع التنازع فيه إما أن يثبت بالنكول واليمين أو لا؛ فالأول: يقول القاضي إما أن تجيب، وإما أن يحلف ويحكم له عليك. وهذا بشرط أن تكون الدعوى مشبهة ولم يتعرض المصنف لهذا الشرط لكونه شرطاً في مطلق الدعوى، وسيأتي تنبيه المصنف.
والثاني: وهو أن تكون الدعوى مما لا يثبت إلا ببينة، فإنه يطلب خصمه، فإن تمادى هذا على ترك الكلام حكم عليه، وهذه الزيادة أيضاً لا تفهم من كلام المصنف، وقال محمد بن المواز: يحكم عليه ولا يحتاج إلى يمين المدعين وقال اللخمي: مخير في الثلاثة

الصفحة 23