كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وَمَا يُحْلَفُ فِيهِ بَتًّا يُكْتَفَى فِيهِ بظَنٍّ قَوِيًّ، أَوْ خَطِّ أَبيهِ، أَوْ قَرِينَةٍ مِنْ خَصْمِهِ وَشِبْهِهِ. وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ التَّغْييرُ ...
لما ذكر أولاً أن اليمين إن كانت على نفي العلم اكتفى بالظن، وإن كانت على البت فقولان؛ أولهما: الاكتفاء بالظن كالأول. والثاني: لابد من العلم. والقولان لمالك، والأول في كتاب ابن سحنون، واستقرأ من المدونة من كتاب الشهادات وكتاب الوديعة وكتاب الديات، والثاني في الموازية، واحتج للأول: بأنه لو أقام الصغير شاهدين بدين لأبيه لساغ له أخذ هذا المال والتصرف فيه مع أنه لا يقطع بصدق الشاهدين، فلما أبيح له الاعتماد على الظن أبيح له أن يحلف عليه بأن استباحة الأموال ورد الشرع بالتعويل فيها على الظاهر، ولو طلب فيها اليقين لأدى إلى ضرر عظيم لعسر تحصيل اليقين في كل وقت يحتاج الإنسان فيه قوته وغير ذلك من مهماته، ويلزم ألا يشتري شيئاً من السوق حتى يعلم صحة ملك البائع له، والبائع من البائع، بخلاف اليمين فنه لا مانع في طلب اليقين فيها، بل مقتضى تعظيم حق الله ألا يحلف به إلا مع تيقن الصدق، ومن هنا تعلم أن قول المصنف في باب الأيمان: (وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنِّ كَذَلِكَ) مبني على القول الثاني لا على الأول.
وَالْيَمِينُ عَلَى نِيِّةِ الْحَاكِمِ فَلا تُفِيدُ تَوْرِيَةٌ الاسْتِثْنَاءَ
أي: التي يحلفها المدعي عليه هي على نية القاضي واعتقاده لا على نية الطالب، وقد تقدمت هذه المسألة في باب الأيمان، ووقع في بعض النسخ أن ما تقدم على المشهور؛ وهي زيادة تصح على طريق بعض الشيوخ كما تقدم.
وَيَمِينُ الْمَطْلُوبِ: مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا وَلاَ شَيْءَ مِنْهُ، لاَ مُطْلَقاً
كما لو ادعى عليه عشرة وأنكرها فإنه يحلف: ما له عندي عشرة ولا شيء منها.

الصفحة 33