كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

ولابد من اليمين معه، وقد توجهت هذه اليمين عليك بنكول المقر له فنكلت عنها، ومن نكل عن يمين فلا يعود فيها.
المازري: بعد أن ذكر ما ذكره المصنف: إن للمدعي بعد تحليف المقر له أن يحلف المقر أيضاً، قال: وعلى قول من ذهب من الناس إلى أن متلف الشيء بإقراره لغير مستحقه لا يطلب بالغرامة، لا يمين هنا على المقر؛ لأنه لم يباشر الإتلاف، وإنما قال قولاً حكم الشرع فيه بإخراج ما أقر به من يده وكان سبباً في إتلافه، فلهذا لا يمكن من تحليفه؛ لأنه إذا لم يلزمه بالإقرار حكم ولا غرامة فلا يلزمه يمين، وأشار المازري إلى أن من الناس من رأى أنه لا غرامة على المقر إذا نكل بعد القول بتوجيه اليمين عليه. ابن عبد السلام: وفيه نظر.
وَإِنْ كَانَ غَائِباً لَزِمَهُ الْيَمِينُ أَوِ الْبَيِّنَةُ وَانْتَقَلَتِ الْحُكُومَةُ إِلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَإِنْ جَاءَ الءمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ ...
فإن كان المقر له غائباً غيبة بعيدة لا يلزم الإعذار إليه فيها، فلا خلاف أنه لا يسلم لمدعيه بمجرد دعواه، ولا خلاف أيضاً أنه لا يقبل قول المدعي مجرداً عن يمين وبينة ثم أقام بينة على أنه للغائب؛ كانت الدعوى بين هذا المدعي والغائب، وإن لم يقر وطلب المدعي يمين المقر؛ فقال أشهب: ما حكاه لمصنف تلزمه اليمين أو البينة. وقال المازري: يسأل المدعي عن غرضه في تحليفه، فإن كان لينكل فيحلف المدعي ويغرم المقر قيمة الثوب، جرى على الخلاف في التغريم إذا أتلفه بالإقرار، وإن كان لينكل فيحلف المدعي ويستحق على المتنازع فيه ويبطل حق الغائب فيه الآن؛ ففيه خلاف.
وذكر ابن سحنون فيمن ادعى في دار في يده، فقال: هي لفلان الغائب، أنه إن حلف بقيت في يده، وإن نكل سلمها للمدعي من غير حلف حتى يقدم الغائب فيأخذها بإقرار من كانت في يده، قال: واختار بعض أشياخي سقوط اليمين عنه إذا لم يقل المدعي أنه أودعه هذه الدار ورهنه إياها؛ لكونه لا يلزمه أن يحلف لإثبات ملك غيره، فإن ادعى

الصفحة 36