كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وَالْمُسْتَمْهِلُ لِحِسَابٍ وَنَحْوِهِ أُمْهِلَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاثَةَ بكَفِيلٍ بوَجْهِهِ، وَقِيلَ: مَا يَرَى الْحَاكِمُ ...
إذا طلب المطلوب من القاضي أن يمهله ليتحقق ما يجيب به من إقرار أو إنكار، فقال ابن شعبان: يمهل اليومين والثلاثة لا أكثر. ابن شعبان: ويحكم عليه بإقامة زعيم بوجهه، ولا يبعد أن يكون هذا الكفيل [693/أ]؛ لأن المطلوب الآن شارك في وجوب الجل عليه، وفي المذهب خلاف إذا شك المطلوب: هل يقضي عليه دون يمين يلزم الطالب، أو لابد من يمينه؟ وعلى التقديرين فالحق قد توجه على المطلوب، أو هو في معنى المتوجه.
وقوله: (وَقِيلَ: مَا يَرَى الْحَاكِمُ) من الاستمهال، وهذا لابن عبد الحكم وهو الظاهر.
الدَّعْوَى ثَلاثَةٌ: مُشْبِهَةٌ عُرْفاً: كَالدَّعَاوِي عَلَى الصُّنَّاعِ، وَالْمُنْتَصِبينَ لِلتِّجَارَةِ فِي الأَسْوَاقِ، وَالْوَدَائِعِ عَلَى أَهْلِهَا، وَالْمُسَافِرِ فِي الرُّفْقَةِ، وَالْمُدَّعِي لِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَلا يَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتِ خُلْطَةٍ ...
يعني: أن الدعوى متنوعة على ثلاثة: لائقة بالمدعي والمدعى عليه وهو مراده بالمشبهة، وبعيدة لا تشبه حال كل واحد منهما، ومتوسطة.
وتتوجه اليمين في المشبهة دون إثبات خلطة، ولما كان الأصل عندنا عدم توجه الدعوى إلا بالخلطة كانت المشبهة خارجة للأصل، فمن الأصحاب من ضبط المشبهة بضابط كلي، ومنهم من عدد المسائل، وارتكب المصنف الطريق الأولى لأنها الأحسن؛ إذ فيه إعطاء الحكم بسببه وإلى هذا ذهب عبد الوهاب، فإنه قال: إذا كانت الدعوى تشبه أن يُدعى بها على مثل المدعى عليه، وقال بعضهم: أن يشبه أن يعامل المدعي المدعى عليه به.
المازري: وهما متقاربان، أحدهما راعى الشبهة من جنس المدعى فيه، والآخر راعاها من جهة المدعي والمدعي عليه، وذكر المصنف لهذه المسألة خمس صور:

الصفحة 40