كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

ثالثها: صفة الحوز، وهي أيضاً ثلاثة أنواع، وهو إما أن يؤثر تغييراً في العين [693/ب] كالهدم والبنيان والغرس، وإما أن يؤثر تغييراً في الملك كالبيع والعتق والتدبير والهبة والصدقة ونحوها، وإما أن يؤثر في ملك المنافع كالاغتلال وسكنى الدار وحرث الأرضين وركوب الدابة ولباس الثياب، وتكلم المصنف على الدار، فقال: (كَدَعْوَى دَارٍ ... إلخ).
وقوله: (بيَدِ حَائِزٍ) يعم الشريك وغيره، ولا يريد القريب؛ لأنه سيذكر القرابة في الموانع والحكم في الشريك وغيره مختلف، لأن الشركاء لا حيازة بينهم في العشرة الأعوام إذا لم يكن هدم ولا بناء، ويكون في العشرة مع الهدم والبناء، ولا يختلف فيه قول ابن القاسم، وقيل: يختلف، وأما غير الشركاء ففي البيان في باب الاستحقاق: المشهور أن الحيازة تكون بينهم في عشرة أعوام وإن لم يكن هدم ولا بنيان.
وروي عن ابن القاسم: لاتكون حيازة إلا مع الهدم والبنيان، ووقع في الواضحة أن الثمانية الأعوام في حكم العشرة في هذا، ولا خلاف في الحيازة بينهم مع الهدم والبنيان.
ثم تكلم على صفة الحوز بقوله: (يَتَصَرَّفُ بالْهَدْمِ وَالْعِمَارَةِ)، وهو مقيد بما إذا لم يهدم ما يخشى سقوطه، فإن ذلك لا ينقل الملك، قيل: وكذلك الإصلاح اليسير؛ لأن رب الدار يأمر المكتري به، وسكت المصنف عن نوعين؛ أحدهما: أعلى وهو ما يؤثر في تغيير الملك، فإنه لايحتاج إلى مدة طويلة كإتلاف الشيء، وكوطء الأمة ونحوه، فإنه إذا علم الدعي بذلك ولم ينكر بحدثان وقوعه فإنه تبطل دعواه لما جبلت عليه طباع البشر بأنهم لا يسكتون عن الإنكار على متلف أموالهم. النوع الثاني: ما يؤثر في ملك المنافع بالاغتلال، وقد تقدم الآن حكمه في الشريك وغيره.
وقوله: (وَالْمُدَّعِي شَاهِدٌ سَاكِتٌ) احترازاً من الغائب، فإن له القيام وإن طال، ولا إشكال في بعد الغيبة كالسبعة الأيام، وأما إن كانت قريبة كأربعة أيام ونحوها وثبت

الصفحة 43