كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

لاعبه صاحبه، فترجع القولان إلى قول، والأظهر من ذلك اختلاف من القول، ولا فرق بين أن يلاعبه صاحبه أم لا.
والثالث: أنه من شبه العمد، وفيه الدية مغلظة، وقد قيل: إن التفرقة بين أن يلاعبه صاحبه أو لا، وهو قول رابع. انتهى.
وقوله: (مَغْمُوراً لَمْ يَتَكَلَّمْ) بل صريحه أنه مات مغموراً لا قسامة في ذلك، وظاهر المدونة أن في ذلك القسامة، والله أعلم.
فَلَوْ مَاتَ بَعْدُ وقَدْ تَكَلَّمَ يَوْماً أَوْ أَيَّاماً، فَالْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ، قَالَ: وَلَمْ يَاكُلْ وَلَوْ ثَبَتَ حَيَاتُهُ ...
هذا هو الذي احترز عنه (مَغْمُوراً) أي: لو تكلم بعد لطمه أو وكزه فلا يقتص إلا بقسامة تقسم، ولأنه لمن ضربه مات؛ لأنه لما تكلم احتمل أنه مات من سبب [695/ب] آخر، ولا يلتفت إلى أكله ولا إلى عدمه.
وقوله: (وَلَوْ ثَبَتَ حَيَاتُهُ) أو (جنايته) على اختلاف النسخ لأكبر فائدة، والله أعلم، وهذا كله ما لم ينفذ له مقتلاً، فإنه حينئذٍ لا قسامة فيه ولو أكل، وإلى هذا أشار بقوله:
أَمَّا لَوْ أَنْفَذَ لَهُ مَقْتَلاً فَلا قَسَامَةَ، وَلْو أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَعَاشَ أَيَّاماً، وَشَبَّهَهُ بالشَّاةِ كَذَلِكَ تُذَكَّى فَلا تُؤْكَلُ ...
فاعل (شبَّه) عائد على ابن القاسم؛ لأنه لما سئل عن المسألة قال: لم أنبئ مالكاً عليها، ولكن قال لي مالك في الشاة التي يخرق السبع بطنها، فشق أمعاءها ونشرها: أنها لا تؤكل، وهذا ظاهر إذا قلنا: إن الذي أنفذ مقاتله هو الذي يقتل، ولو أجهز عليه آخر، وأما على قول من قال يقتل به الثاني، فيه نظر.

الصفحة 54