كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وأخذ عن ابن عباس رضي الله عنه بظاهر الآية الكريمة؛ أعني: قوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] فلم يحجبها الاثنين، وقد احتج رضي الله تعالى عنه على عثمان رضي الله عنه بأن الأخوين ليسا إخوة، فقال عثمان رضي الله عنه: حجبها قومك يا غلام.
وأراد بقوله: (مُطْلَقاً) سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم أو مختلفين، حتى قال في العتبية في مجوسي تزوج ابنته فولد له منها ولدان، فأسلمت الأم والولدان، ثم مات أحد الولدين: أن للأم السدس؛ لأنالميت ترك أمه- وهي أخته - وترك أخاه؛ فتحجب الأم نفسها بنفسها من الثثل إلى السدس.
ووافق ابن عباس رضي الله عنهما في زوج وأم وأخ وأخت لأم: أن للزوج النصف، وللأم السدس، وَلِكُلِّ من الأخ والأخت للأم السدس، ولو كان للأم الثلث لعالت المسألة. قيل: والإجماع على أن هذه الفريضة لا تعول.
وفي الاحتجاج عليه بهذه المسألة نظر؛ لاحتمال أن يقول ابن عباس بسقوط الأخوين للأم على أصله في العول إذا أدى الأمر إليه.
وَلَهَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ ثُلُثُ مَا بَقِي زَوْجٍ وَأَبَوَانِ، وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَانِ
تسميان الغراوين لشهرتهما، وهذا مذهب الجمهور. ورأى بان عباس أن لها الثلث من رأس المال؛ لعموم قوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلإُمِهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].
وحملها الجمهور على ما إذا انفردا بميراثه، وإلا فإذا أعطيت في هاتين المسألتين الثلث يؤدي إلى مخالفة القواعد؛ لأنها إذا أعطيت في مسألة الزوج الثثل تكون قد أعطيت ضعفي الذكر، وليس لذلك نظير؛ أعني: أن ذكراً وأنثى يدليان بجهة واحدة، ولها مثلاً ما للذكر.

الصفحة 584