كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وَلِلْجَدَّةِ فَصَاعِداً السُّدُسُ
(أل) في (الجدة) للعهد، والمعهود ما قدمه أول الباب، حيث قال: (والجدة وإن علت غير أم جد).
واعترض عليه قوله: (فَصَاعِداً) لأن هذه اللفظة إنما تستعمل غالباً إذا كان الزائد غير مغيًّي بغاية، أو مغيًّى ولكن ما بين المبدأ وتلك الغاية يتجزأ، وليس هنا كذلك؛ لأنه لا يرث عند مالك رحمه الله إلا جدتان.
ولهذا اعترض على من ألف الفرائض على مذهب مالك وذكر عدداً كثيراً من الجدات. وإن كان قد أجيب عن ذلك بأن ذلك يتصور إذا كانت الأَمّةُ مشتركة بين رجال كثيرين ووطئها كل منهم في طهر واحد، وألحقت القَافَّة الولد بكل واحد منهم.
لكن هذا الجواب إنما يتأتى على قول شاذ؛ وهو أنه يصح الاشتراك في الولد، لا على المشهور، أنه لا يصح الاشتراك فيه، وأنه يصير إلى أن يكبر، فيوالي من شاء.
وأجيب عن قوله: (فَصَاعِداً) هنا بأنه لم يرد بقوله: (فَصَاعِداً) الجدتين: أم الأم وأم الأب فقط حتى يرد عليه السؤال، وإنما أراد: فصاعداً في أمهاتهما، وهو معنى قوله أول الباب: (وإن علت) وهذا لا يتغيًّي.
وكون الجدة لها السدس هو مذهب الجمهور، وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن لها الثلث عند عدم الأم.
ودليل الجمهور ما رواه مالك وأبو داود، والسند له عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها، فقال لها: مالك في كتاب الهل من شيء، ولا علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله

الصفحة 585