كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

ثم ما حصل بعد الموافقة فيهما، أو المباينة فيهما، أو الموافقة في أحدهما والمباينة في الآخر يُنْظَرُ فيه نظراً ثانياً؛ إما أن يتماثل ما حصل من كل واحد من الصنفين، أو يدخل أحدهما في الآخر، أو يوافقه، أو يباينه.
فإذا ضربت ما يمكن إنتاجه بالنظر الأول في ما يمكن إنتاجه بالنظر الثاني كان الخارج اثنتي عشرة صورة، وسيذكر المصنف هذا.
فَالتَّدَاخُلُ أَنْ يُفْنِيَ أَحَدُهُمَا الآخَر أَوَّلاً
المراد بالإفناء: أن يخرج الأقل من الكثير مرتين أو ثلاثاً أو أكثر إلى ألا يبقى من الأكثر شيء؛ فيكون آخر ما يخرج من الأكثر مساوياً للباقي من الأكثر، مثاله الاثنان مع الأربعة أو الستة أو الثمانية، ولا يشترط ألا يكون الأقل أصغر من العشر بل يصح أن يكون نصف عشر كالاثنين معاً مع العشرين، وربما عرف بالتداخل بأن يكون الكثير كضعفي القليل، أو أضعافه، أو يكون القليل جزءاً من الكثير.
وَالتَّوَافُقُ أَنْ يُفْنِيَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ غَيْرَ الأَوَّلِ
كالثمانية مع العشرة، فإنك بعد إسقاط الأربعة من العشرة مرتين لا تبقى أربعة حتى يسقط، بل تبقى منها اثنان تعود بهما على الثمانية فتفنيها في أربع مرات، فقد حصل الإنفاء باثنين، ونسبة المفرد إليهما النصف، فتكون الموافقة بينهما بالنصف، وهكذا على عدد وقع به الإفناء، فإنك تنظر النسبة إلى العدد المفني فيكون جزء الموافقة، فإذا سئلنا عن التسعة والخمسة عشر أسقطنا التسعة منها فتبقى ستة لا يمكن إسقاط التسعة منها، فتعود على التسعة بستة تبقى ثلاثة، فتعود بها على الستة فتفنيها فتعلم أن الموافقة بين التسعة والخمسة عشر بنسبة واحد إلى ثلاثة، وهو الثلث.
ولا فرق في ما وقع به الإفناء بين أن يكون الواحد بالنسبة إليه جزءاً أصم، أو لا. وإلى هذا أشار بقوله:

الصفحة 598