كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وَالتَّظَالُمُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَحْكُمُ السُّلْطَانُ بَيْنَهُمْ فِيهِ
أي: وإن لم يتراضوا، وكما يجب عليه منع المسلمين من ظلمهم كذلك بعضهم من بعض.
وَمِنْهَا الرِّقُّ؛ فَلا يَرِثُ رَقِيقٌ، وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَالْقِنِّ لا يَرِثُ وَلا يُورَثَ، وَمَالُهُ لِمَنْ يَمْلِكُ الرِّقَّ مِنْهُ ..
لا خلاف في هذه الجملة عندنا.
وَمِنْهَا الْقَتْلُ؛ فَلا يَرِثُ قَاتِلُ عَمْدٍ مِنْ مَالٍ وَلا دِيَةٍ، فَإِنْ كَانَ خَطَأَ وَرِثَ مِنَ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ ...
يريد: إلا الولاء فإن المذهب أن قاتل العمد وقاتل الخطأ يرثان الولاء، ويرثه عنهما من يرثهما، وحيث لا يرث فلا يحجحب، وإن ورث من المال حجب فيه.
وهكذا روى الدارقطني؛ لكنه حديث ضعيف؛ وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال: "لا يتوارث أهل ملتين، وترث المرأة من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمداً؛ فلا يرث من ماله ومن ديته شيئاً، وإن قتل صاحبه خطأً ورث من ماله، ولم يرث من ديته" رواه محمد بن سعيد عن عمرو بن شعيب، قال: أخبرني أبي عن جدي: قال عبد الحق: ومحمد بن سعيد أظنه المصلوب، وهو متروك عند الجميع.
وفي مراسيل أبي داود: "ولا يرث قاتل عمد ولا خطأ شيئاً من الدية".
وَمِنْهَا اللِّعَانُ؛ فَيَبْقَى الإِرْثُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ أُمِّهِ، وَالتَّوْءَمَانِ شَقِيقَانِ بخِلافِ تَوْءَمَي الزِّنَى فَإِنَّهُمَا لأُمِّ، وَفِي تَوْءَمَي الْمُغْتَصَبَةِ قَوْلانِ ...
لعله ذكر اللعان ليرتب عليه ما بعده؛ لأن المانع إنما يكون إذا كان السبب موجوداً، وأما مع عدمه فلا.

الصفحة 616