كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

وَفِي زِيَادِةِ الْعَدَدِ قَوْلانِ، إِلا أَنْ يَكْثُرُوا جَمِيعاً.
يعني: وفي الترجيح بزيادة عدد إحدى البينتين قولان؛ عدم الترجيح حتى قال في المدونة: ولو شهد لهذا اثنان ولهذا مائة لا ترجح المائة، وحمله المازري على المبالغة، وأما لو كثروا حتى يقع العلم بصدقهم لقضي بها؛ لأن شهادة الاثنين إنما تفيد غلبة الظن. وروى مطرف، وابن الماجشون: أنه يترجح بذلك، وعلى هذا فتحصل في الترجيح بمزيد العدالة والعدد. ثالثها: المشهور يرجح بالعدالة لا العدد.
وقوله: (إِلا أَنْ يَكْثُرُوا جَمِيعاً) أي: فلا تراعي الكثرة حينئذ بالاتفاق، وفرق القرافي للمشهور بأن المقصود من القضاء دفع النزاع، ومزيد العدالة أقوى في التعدد من زيادة العدد؛ لأن كل واحد من الخصمين يمكنه زيادة العدد في المشهود بخلاف العدالة، واعترضه ابن عبد السلام: بأن من رجح زيادة العدد لم يقل به كيفما اتفق، وإنما اعتبره مع قيد العدالة، ولا نسلم أن زيادة العدد بهذا القيد أسهل الوجود، وقد تقرر في الأصول أن الوصف مهما كان أدخل تحت الانضباط وأبعد عن النقض والعكس كان أرجح، وزيادة العدد وصف منضبط محسوس لا يختلف فيه العقلاء، بخلاف العدالة؛ لأنها مركبة من قيود كما [687/ب] تقدم، فقد يكون واحد الشاهدين أشد محافظة على توقي الصغائر، والآخر أشد محافظة على أداء الأمانة، وإن اشتركا في المحافظة المعتبرة في قبول الشهادة، وعلى هذا التقدير فضبط زيادة العدالة متعذر أو متعسر، فلا ينبغي أن يعتبر في الترجيح فضلاً أن يكون راجحاً على زيادة العدد.
وَفِي الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ قَوْلانِ، وَرَجَعَ عَنْهُ
يعني: وفي ترجيح الشاهدين على الشاهد واليمين قولان، وكذلك القولان في ترجيح الشاهدين على الرجل والمرأتين، ورجع ابن القاسم عنه؛ أي: عن الترجيح. وقال

الصفحة 8