كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 8)

أشهب: بالمرجوع إليه، والأظهر الترجيح فيهما، أما الأول: فالاتفاق على قبول الشاهدين والخلاف في الشاهد واليمين. وأما الثاني: فلقوله تعالى: {فَإِن لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأتَانِ} [البقرة: 282] فإنه يدل على راجحية الشاهدين على الرجل والمرأتين؛ لأن جعل مرتبتهم عند عدم الشاهدين، واعلم أنه اختلف في الحق هل هو مستند للشاهد فقط واليمين استظهاراً وهو مستند لهما وأن اليمين كالشاهد، وتظهر فائدة الخلاف في الفرع الأول، فعلى أنها كشاهدين لا حجة للشاهدين، وعلى الآخر رجح الشاهدين، وكذلك تظهر إذا رجع الشاهد هل يغرم نصف الحق أو جميعه.
وَعَلَى التَّسَاوِي لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَعْدَلَ مِنْ كُلِّ مِنْهُمَا فَقَوْلانِ
أي: على تساوي الشاهدين مع الشاهد واليمين، ومع الشاهد والمرأتين لو قدرنا أن الشاهد الذي يشهد مع اليمين أو المرأتين أعدل من كل واحد من الشاهدين فقولان. وروى أبو زيد عن ابن القاسم: أنه يقضي بالشاهد الأعدل دون الشاهدين. وروى ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون: أن الشاهدين أرجح. وانظر كيف جعل المصنف هذا مبنياً على التساوي في الفرع السابق، وهو محتمل أن يبقى على الخلاف في الترجيح بالعدد.
وَفِي أَعْدَلِيَّةِ الْمُعَدِّلِينَ فِي الْمُزَكِّيينِ قَوْلانِ
يعني: أنه اختلف إذا تساوت البيِّنات في العدالة، لكن معدلو أحدهما أزيد عدالة، فروى ابن القاسم وابن الماجشون عدم الترجيح بذلك؛ لأن العدالة إنما هي بالبينة، ألا ترى أن المزكين لو رجعوا لم يغرموا. وروى مطرف عن مالك: الترجيح بذلك؛ لقوة النظر بعدالة من زكاة الأرجح.

الصفحة 9