كتاب طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

أو شاة في الجاهلية، وإلاَّ فالذبائح من سنن الإسلام.

وأما إذا لم يتحد الحكم والسبب في النصين فلا يحمل أحد النصين على الآخر باتفاق الفقهاء، بل يعمل بالمطلق على إطلاقه، والمُقيَّد على تقييده، ومثاله ما روي عن عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قالت: «كَانَ النَبِيُّ يُصَلِّيَ الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ» (¬1) وهو مطلق في ركعات أربع فَصَّلَ كيفية أدائها ما أخرجه الطبراني في " الكبير " عن ابن عباس قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَوَى النَّهَارُ خَرَجَ إِلَى بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ» (¬2)، وفيه: «قَامَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ [يَتَشَهَّدْ] بَيْنَهُنَّ وَ [سَلَّمَ] فِي آخِرِ الأَرْبَعِ» وروي عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» (¬3).

وجمهور الفقهاء على أنهم يحملون المطلق على المقيَّد؛ رفعاً للتعارض بين النصوص، ومثاله: ما صحَّ أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بالشُفعة للجار، وهو مطلق قيَّدَهُ قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اَلْجَارُ أَحَقُّ
¬__________
(¬1) رواه مسلم.
(¬2) أخرجه الطبراني في " الكبير ".
(¬3) متفق عليه.

الصفحة 25