كتاب طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

يدل دلالة نص على وجوب الكفارة على زوجته، وإنْ لم ينص عليها. لأنَّ علَّةَ الجناية على الصوم مُتَحَقَّقَةٌ فيها أيضاَ.

ومثله في السُنَّةِ كذلك قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ قَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ» (¬1) فالقود بغير السيف كالمسدس دلالة النص، ومنها منع القَوَدِ، بِأَنْ يُفْعَلَ بالقاتل مثل ما فُعِلَ بالمقتول، كالرضخ بالحجارة، أو تفريق الأجزاء.

4 - دلالة الاقتضاء: وهي دلالة الكلام على لازم متقدم يتوقف عليه صدق الكلام، أو صحَّته شرعاً وعقلاً، ومثاله في السُنَّة قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (¬2) فقد نفى أَنْ تكون الأعمال بدون نية، وهذا مخالف للواقع، فَلاَبُدَّ أَنْ يكون المعنى اقتضاء وهو أنَّ «صِحَّةَ» الأعمال لا تكون إلاَّ بالنية، ومثله أيضاً قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ» (¬3) أي لا صِحَّةَ لصيامه، لأنَّ الصيام واقع موجود
¬__________
(¬1) أخرجه ابن ماجه والبزار والطبراني. واختلفوا في صحة إسناده فَصَحَّحَهُ بعضهم: وَضَعَّفَهُ ابن الجوزي، وقال البيهقي: لم يثبت له إسناد.
(¬2) متفق عليه.
(¬3) رواه الخمسة، وَصَحَّحَهُ أبو داود والترمذي. وقال في " المستدرك ": صحيح على شرط البخاري.

الصفحة 39