كتاب طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

وَتَذَوُّقِ بلاغتهما. وهذه شروط مُجْمَعٌ عليها، وهناك شروط موضع خلاف بين العلماء؛ كمعرفة الفقه، ووجوه الاختلاف، والعدالة، وما لاَبُدَّ منه من علم الكلام.

وَيَهُمُّنَا هنا أَنْ نُبَيِّنَ معرفة أحكام الشريعة التي وردت بها السُنَّةُ، بحيث يستطيع المجتهد أَنْ يستحضر في كل موضوع ما ورد في السُنّةِ من نصوص، وقد قيل: ينبغي معرفة خمسمائة حديث، وقيل ثلاثة آلاف، وحصرها أحمد بن حنبل بالأصول من الأحاديث، وهي ألف ومائتا حديث، وقال الغزالي والرافعي وجماعة من الأُصُولِيِّينَ: «يكفيه مثل " سنن أبي داود "، و " معرفة السنن " للبيهقي مِمَّا يَجْمَعُ أحاديث الأحكام، وقد نازع العلماء هذا التحديد. قال النووي: «وَلاَ يَصِحُّ التَمْثِيلَ بِسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ؛ فَإِنَّهَا لَمْ تَسْتَوْعِبْ، وَكَمْ فِي البُخَارِي وَمُسْلِمَ مِنْ حَدِيثٍ حُكْمِيٍّ لَيْسَ فِيهِ»، وقال ابن دقيق العيد: «وَلاَ يَخْفَاكَ أَنَّ كَلاَمَ أَهْلِ العِلْمِ فِي هَذَا البَابِ مِنْ قَبِيلِ الإِفْرَاطِ وَالتَفْرِيطِ» (¬1).
¬__________
(¬1) " إرشاد الفحول إلى [تحقيق الحق من] علم الأصول " للشوكاني: ص 251.

الصفحة 43