كتاب طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

على اجتهاداتهم، حتى مع ظهور خطئها، وَبُعْدِهَا عن الصواب.

حَدَّثَنِي بعض أساتذة الشريعة أنه سأل طالباً أعجمياً من طلبة السَنَةِ الأولى في إحدى كليات الشريعة: «هل تعرف شيئاً من الفقه؟ قال: نعم، قال: على مذهب مَنْ مِنَ الأئمة؟ على مذهب أبي حنيفة؟ قال: لا. قال: على مذهب الشافعي؟ قال: لا. قال: على مذهب مالك أو أحمد بن حنبل أو غيرهم؟ قال: لا. قال: على مذهب مَنْ إِذَنْ دَرَسْتَ بعض هذا الفقه؟ قال: أجتهد لنفسي وللناس».

ثالثاً: إِنَّ الدعوة إلى التَمَسُّكِ بِالسُنَّةِ وَاتِّبَاعِهَا هي دعوة حق، ولكن الأسلوب الذي اتبعته فئات من الناس أسلوب نَمَّ عن جَهْلٍ بِالسُنَّةِ، ولذلك كان لاَبُدَّ من تصحيح الفهم لِلْسُنَّةِ والاستدلال بها واتباعها. فقد زعم هؤلاء أَنَّ التزام السُنَّة في كل ما وردت به ينبغي أَنْ يكون على سبيل الوجوب، ولذلك أنكروا على من يترك المندوب والمستحب والمباح إذا كان الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد فعله؛ استناداً إلى ظاهر الآية الكريمة {وَمَا

الصفحة 46