كتاب طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

3 - تخيير المكلَّف بأن يأخذ بأي رأي شاء من آراء الصحابة من غير تعيين لأحدهم فيما لا نص فيه.

وقد كانت لصحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مدارس لهم فيها أتباع كمدرسة عمر وَعَلِيٍّ وعثمان وابن عباس.

4 - يؤخذ منه أيضاً أَنَّ كُلاًّ من المُجْتَهِدِينِ على هُدًى وَفِقْهٍ، فلا ينسب إلى أحد منهم تخطئة (¬1).

وقد روي عن عمر بن عبد العزيز - رَحِمَهُ اللهُ - أنه قال: «مَا سَرَّنِي بِاخْتِلاَفِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُمُرُ النَّعَمِ» ورواه البيهقي بلفظ: «ما سَرَّنِي لو أنَّ أصحابي لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة» كما رُوي عن القاسم بن محمد قوله: «كَانَ اخْتِلاَفُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَحْمَةً لِلْنَّاسِ» (¬2).

وقد أراد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أنْ يحمل الناس على " موطأ مالك " فأبى - رَحِمَهُ اللهُ - ذلك، وعاود الكرَّةَ الرشيدُ، فامتنع عليه وقال: «إِنَّ اخْتِلاَفَ العُلَمِاءِ رَحْمَةٌ مِنَ
¬__________
(¬1) " تحفة الرأي السديد " لأحمد الحسيني: ص 26.
(¬2) أخرجه البيهقي في " المدخل ".

الصفحة 7