كتاب طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

اللهِ عَلَى الأُمَّةِ كُلٌّ يَتَّبِِعُ مَا صَحَّ عِنْدَهُ، وَكُلٌّ عَلَى هُدًى، وَكُلٌّ يُرِيدُ اللهَ» (¬1).

والعلم باختلاف آراء المجتهدين يُؤَدِّي إلى معرفة مسالك الأئمة في استنباط الأحكام، ومعرفة طرائقهم في الاجتهاد، ويُبيِّنُ تفاوت أقدارهم في استخراج الأحكام، وَرَدِّ الفروع إلى الأصول، ويعلم طالب العلم القدرة على التدقيق، والبصر في القواعد، وَالتَمَكُّنِ من التمييز بين الفروق الدقيقة، ولذلك عَدَّ العلماء المعرفة في الاختلاف علماً غَزِيراً، روى ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم " أنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الاخْتِلاَفَ فَلاَ تَعُدُّوهُ عَالِمًا» وَرَوَى [عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ]، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ، حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِاخْتِلاَفِ النَّاسِ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ رَدَّ مِنَ الْعِلْمِ مَا هُوَ أَوْثَقُ مِنَ الَّذِي فِي [يَدِهِ]» (¬2).

ومن الجميل هنا أَنْ نُورِدَ قول ابن تيمية: «وَلِهَذَا قَالَ [العُلَمَاءُ]
¬__________
(¬1) أخرجه الخطيب في كتاب الرواة، وانظر " فتاوى ابن تيمية ": 20/ 89.
(¬2) " جامع بيان العلم وفضله " لأبي عمر يوسف بن عبد البر القرطبي: 2/ 46، المطبعة المنيرية بالقاهرة.

الصفحة 8