كتاب التفسير اللغوي للقرآن الكريم

في العَدَدِ إنما يَعْرُضُ في الصَّلاةِ بعدَ ملابستِها، فلو كانَ هذا هوَ المراد لقيلَ: في صلاتِهم ساهون، فلما قال: {عَنْ صَلاَتِهِمْ} دَلَّ على أن المرادَ به الذهابُ عن الوقت» (¬1).
* ومِنَ الأمثلةِ التي تَدُلُّ على الوقوعِ في الزَّلَلِ والتَّحريفِ:
ما وقع لعَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ (ت:144) (¬2). قالَ ابنُ خالويه (ت:370) (¬3): «كان عمرو بنُ عبيدٍ يُؤتى من قِلَّةِ المعرفةِ بكلامِ العربِ ... وقدْ كانَ كَلَّمَ أبا عمرو بن العلاء (¬4) في الوعدِ والوعيدِ، فلم يُفَرِّقْ بينهما، حتَّى فَهَّمَه أبو عمرو، وقالَ: ويحك، إنَّ الرَّجلَ العربيَّ إذا وعدَ أنْ يُسِيءَ إلى رجلٍ، ثُمَّ لم يفعلْ، يقالُ: عَفَا وتكرَّمَ، ولا يقالُ: كذب. وأنشد (¬5):
وإني إن أوَعَدْتُهُ أو وْعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفُ إِيعَادِي ومُنْجِزُ مَوعِدِي» (¬6)
¬_________
(¬1) إعجاز القرآن، للخطابي (ص:39).
(¬2) عمر بن عبيد بن باب، أبو عثمان البصري، المعتزلي، الزاهد، روى عن الحسن البصري وأبي قلابة، وهو متروك الحديث، وكان مُعَظَّماً عند أبي جعفر المنصور، وحُكِيَ عنه أقوالٌ شنيعة. توفي سنة (143). ينظر: المنية والأمل (ص:38 - 41)، وميزان الاعتدال (3:273 - 280).
(¬3) الحسين بن أحمد بن خالويه، أبو عبد الله، من كبار أهل اللغة، لَقِيَ ابن الأنباري وابن مجاهد وأبا عمر الزاهد وابن دريد، وصحب سيف الدولة الحمداني، وأدَّب بعض أولاده، ومن كتبه المطبوعة: كتاب ليس، وهو كتاب نفيس، وإعراب القراءات السبع وعللها، توفي سنة (370). ينظر: طبقات الأدباء (ص:230 - 231)، وإنباه الرواة عن أنباء النحاة (1:359 - 362).
(¬4) أبو عمر بن العلاء بن عمار المازني، البصري، المقرئ، النحوي، اللغوي، قيل: إنَّ اسمه كنيته، وقيل: زبَّان، وقيل غير ذلك. كان واسع العلم بلغة العرب، وكان يقرئ في مسجد البصرة والحسنُ البصري حاضرٌ، وأخافه الحجاج، فتستر حتى مات الحجاج، وتوفي أبو عمرو سنة (154). ينظر: مراتب النحويين (ص:33 - 42)، وطبقات النحويين واللغويين (ص:35 - 40)، وغاية النهاية (1:288 - 292).
(¬5) ينظر البيت في جمهرة اللغة (2:668)، والصحاح واللسان، مادة (وعد).
(¬6) إعراب القراءات السبع وعللها، لابن خالويه، تحقيق: الدكتور عبد الرحمن العثيمين =

الصفحة 43