كتاب التفسير والتأويل في القرآن

سورة الأعراف، والتأويل في وقوع آيات التهديد للكفار فعلا في سورة يونس، والتأويل في تحديد العاقبة والنهاية العملية للكيل والوزن بالقسط في سورة الإسراء، والتأويل في تحديد الصورة المادية الخيرة للأمة عند ما تردّ المتنازع فيه إلي الله والرسول في سورة النساء، والتأويل في تحديد كيفية وصورة الآيات المتشابهات، التي تتحدث عن الغيبيات، في سورة آل عمران.
إنّ التأويل في القرآن لا يخرج عن هذا المعنى في التحديد العملي لما تؤول إليه حقائق النصوص النظرية. ولهذا قال الإمام الراغب في تعريف التأويل: هو ردّ الشيء إلي الغاية المرادة منه، علما أو فعلا.
هذا التحديد العملي لا يعلمه أحد من البشر، لا الراسخون في العلم ولا غيرهم، لأنه خاصّ بالله.
إنّ تأويل النصوص الغيبية خاصّ بالله، تلك النصوص القرآنية التي تتحدث عن أحداث مستقبلية، تقع للناس علي وجه الأرض، أو تحدث قبيل قيام الساعة وأثناء قيامها وبعده، وتصف ما يجري يوم القيامة من مشاهد وتفاصيل، سواء علي أرض الموقف، أو في الجنة، أو في النار.
الله وحده هو الذي يعلم تأويل هذه الآيات المتشابهات، أي: هو الذي يعلم حقيقة حدوثها، وزمانه، ومكانه، وكيفيته، والصورة المادية الواقعية التي تكون عليها عند وقوعها وحدوثها، والعاقبة التي تؤول إليها هذه النصوص.
هل الراسخون في العلم يعلمون تأويل هذه النصوص علي هذا المعني؟
وهل يقدرون علي تحديد مآلها العملي، وردها إلي كيفية حدوثها الواقعي؟
وتصوّر حقيقتها الفعلية؟ إنهم لا يقدرون علي ذلك!

الصفحة 113