كتاب التفسير والتأويل في القرآن

وهذا غير ممكن لهم ولا لغيرهم. ولهذا هم مذمومون بذلك الهدف، ومذمومون لمحاولاتهم تأويل المتشابهات، وتحديد ما ستئول إليه من نهاية عملية، وعاقبة مادية.
5 - ذمّ الله زائغي القلوب لمحاولاتهم اليائسة في تأويل الآيات المتشابهات، لأنّ تأويلها خاصّ به سبحانه، ولهذا ورد بعد ذمّهم قوله تعالى: وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
والتأويل هنا هو بمعنى التأويل في السور الأخري، وهو تحديد العاقبة والمآل، وبيان ما تؤول إليه النصوص والأخبار القرآنية، وتعيين صورتها الواقعية العملية، وإرجاعها إليها، من حيث الزمان والمكان والكيفية.
وهذا التأويل العملي، بهذه الكيفية المادية، لا يعلمه أحد من البشر، لا الراسخون في العلم ولا الذين في قلوبهم زيغ، فهو خاصّ بالله سبحانه.
الفريق الثاني: الراسخون في العلم، قال الله عنهم: والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.
هؤلاء الراسخون في العلم وقفوا أمام متشابه القرآن، الذي يتحدث عن أمور غيبية، فعلموا أنّ تأويله خاصّ بالله، وفهموا معنى قوله تعالى:
وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
أي علموا أنّ تحديد عاقبة ومآل الآيات المتشابهات خاصّ بالله، فالله وحده هو الذي يعلم ما تؤول إليه تلك الآيات، ويعلم كيفية وزمان ومكان وصورة حدوثها ووقوعها، في إطارها العملي الواقعي.
لما علم الراسخون في العلم هذا، أيقنوا بعجزهم عن تأويل الآيات المتشابهات، فأعلنوا إيمانهم بالقرآن كله، وقالوا: آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.
والضمير في بِهِ يعود علي متشابه القرآن. أي آمنا بمتشابه القرآن،

الصفحة 119