كتاب التفسير والتأويل في القرآن

يقول في متشابه آيات كتاب الله ما لا علم له به إلا أولوا العقل والنهي. (¬1).
ولا يخرج كلام الإمام ابن كثير عن كلام ابن جرير، فقال في تفسير الآية: «يخبر الله أن في القرآن آيات محكمات، هنّ أمّ الكتاب. أي:
بينات واضحات الدلالة علي كثير من الناس أو بعضهم، فمن ردّ ما اشتبه إلي الواضح منه، وحكّم محكمه علي متشابه، فقد اهتدي، ومن عكس انعكس.
ولهذا قال تعالى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ أي: أصله الذي يرجع إليه عند الاشتباه.
وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ: أي تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئا آخر من حيث اللفظ والتركيب، لا من حيث المراد» (¬2).
ثم قال ابن كثير: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ: أي ضلال، وخروج عن الحقّ إلي الباطل فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ: إنما يأخذون منه بالمتشابه، الذي يمكن أن يحرّفوه إلي مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه، فأما المحكم فلا نصيب له فيه، لأنه دافع لهم، وحجة عليهم.
ولهذا قال عنهم ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ: أي: الإضلال لأتباعهم، إيهاما لهم أنهم يحتجّون علي بدعتهم بالقرآن، وهو حجة عليهم وليس لهم.
وقوله تعالى: وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ: أي: تحريفه علي ما يريدون. وقال مقاتل والسدي: وابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ: يبتغون أن يعلموا ما يكون، وما عواقب الأشياء، من القرآن (¬3).
¬__________
(¬1) المرجع السابق: 3/ 185.
(¬2) تفسير ابن كثير: 1/ 369 - 370.
(¬3) المرجع السابق: 1/ 370.

الصفحة 130