كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي (اسم الجزء: 2)

الركن الأول: الرجوع عن الإسلام
674- الرجوع عن الإسلام: هو ترك الإسلام؛ أى ترك التصديق به, والرجوع يكون بأحد طرق ثلاثة: بالفعل أو بالامتناع عن الفعل, وبالقول, وبالاعتقاد.
فالرجوع عن الإسلام بالفعل يحدث بإتيان أى فعل يحرمه الإسلام إذا استباح الفاعل إتيانه سواء أتاه متعمدًا أو أتاه استهزاء بالإسلام واستخفافًا أو عنادًا ومكابرة؛ كالسجود لصنم أو للشمس أو القمر أو لأى كوكب, وكإلقاء المصحف وكتب الحديث فى الأقذار أو وطأها استهزاءً بها أو استخفافًا بما جاء فيها أو عنادًا, ويكون أيضًا بإتيان المحرمات مع استحلال إتيانها كأن يزنى الزانى وهو يعتقد أن الزنا غير محرم بصفة عامة أو غير محرم عليه, وكاستحلال شرب الخمر واستحلال قتل المعصومين وسلب أموالهم, فمن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه وظهر حكم بين المسلمين وزالت الشبهة فى حله بالنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر, وكذلك إن استحل قتل المعصومين أو أخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل, أما إذا كان الاستحلال بتأويل كما هو حال الخوارج فأكثر الفقهاء لا يرون كفر الفاعل, وقد عرف عن الخوارج أنهم يكفِّرون كثيرًا من الصحابة والتابعين ويستحلون دماءهم وأموالهم ويعتقدون أنهم يتقربون إلى الله جل شأنه بقتلهم, ومع هذا لم يحكم الفقهاء بكفرهم لتأويلهم, وكذلك الحكم فى كل محرم استُحل بتأويل فلا يعتبر فاعله مرتدًا.
ومن الأمثلة على استحلال المحرم بالتأويل ما فعله قدامة بن مظعون فقد شرب الخمر مستحلاً لها, وكذلك فعل أبو جندل بن سهل وجماعة معه شربوا الخمر فى الشام مستحلين لها مستدلين بقول الله جل شأنه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ

الصفحة 707